مَا ذُكِرَ بِوَجْهٍ بَلْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ وُجِدَ مَكْتُوبًا بِخَطِّ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنْ قَالَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَرِدُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صِفَةً حُكْمِيَّةً تُوجِبُ الْمَنْعَ الْمَذْكُورَ لِأَنَّ كَوْنَهُ حَرِيرًا صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ خَارِجِيَّةٌ لَا حُكْمِيَّةٌ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَهُوَ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهُوَ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ الشَّيْخُ مَسْبُوقٌ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَدَثُ يُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثِ مَعَانٍ الْأَوَّلُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ الثَّانِي الْخُرُوجُ الثَّالِثُ الْمَنْعُ النَّاشِئُ عَنْ الْخُرُوجِ ثُمَّ اُسْتُشْكِلَ عَدَمُ رَفْعِ الْحَدَثِ فِي التَّيَمُّمِ ثُمَّ قَالَ بَقِيَ مَعْنًى رَابِعٌ يَدَّعِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ أَنَّ الْحَدَثَ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ يُقَدَّرُ قَائِمًا بِالْأَعْضَاءِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ وَيُنَزِّلُونَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْحِسِّ فِي قِيَامِهِ بِالْأَعْضَاءِ فَمَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ يَقُولُ يُزِيلُ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْحُكْمِيُّ فَيَزُولُ الْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُقَدَّرِ الْحُكْمِيِّ وَمَنْ يَقُولُ اللَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُقَدَّرُ الْقَائِمُ بِالْأَعْضَاءِ بَاقٍ حُكْمًا وَلَمْ يَزُلْ وَالْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ زَائِلٌ.
فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَقُولُ إنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْحُكْمِيُّ الْمُقَدَّرُ وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ زَائِلًا (وَالْحَاصِلُ) أَنَّهُمْ أَبْدَوْا لِلْحَدَثِ مَعْنًى رَابِعًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا وَهُمْ مُطَالَبُونَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ عَلَى إثْبَاتِهِ فَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ أَوَّلًا وَأَنَّهُ يُنَاسِبُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي رَسْمِهِ فِي الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ لِلطَّهَارَةِ فَالْحَدَثُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَالطَّهَارَةُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ فَهُمَا صِنْفَانِ تَحْتَ نَوْعٍ أَوْ نَوْعَانِ تَحْتَ جِنْسٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَرَّرْنَاهُ وَأَوْضَحْنَا بِهِ رَسْمَهُ مُخَالِفًا لِمَا قَرَّرَهُ بِهِ شَيْخُنَا الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ ذَلِكَ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَنَا أَنْ نَقُولَ إنَّ إطْلَاقَ الْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ إلَّا عَنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَفَهِمُوا الشَّرِيعَةَ عَلَيْهِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَلَا يَخُصُّ ذَلِكَ بِالطَّهَارَةِ وَلَا الْحَدَثِ بَلْ كُلُّ مَا تُعْقَلُ فِيهِ مَا تُعْقَلُ فِيهِمَا وَاصْطَلَحُوا بِإِطْلَاقِ الصِّفَةِ عَلَيْهِ صَحَّ فِيهِ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَالْإِحْرَامِ وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَحْدُودَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رَسْمِ الْحَدَثِ لَمَّا عَرَّفَ النَّجَاسَةَ وَالْحَدَثَ سَيَأْتِي فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ أَحَالَ مِنْ الْمَوَاضِعِ (قُلْتَ) كَأَنْ يَظْهَرُ لِي فِي الْقَدِيمِ وَرَأَيْتُهُ مُقَيَّدًا أَنَّهُ أَشَارَ إلَى مَا وَقَعَ لَهُ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute