مِنْ مَوْلَايَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَهُ وَأَنْ يُتَمِّمَ لِي قَصْدَهُ وَعَمَلَهُ وَأَنْ يَجْعَلَنَا فِي حِمَى الْمُؤَلِّفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَرَحِمِ سَلَفِهِ وَأَنْ يُحَصِّنَنَا بِحِصْنِ نَبِيِّهِ الْحَصِينِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، وَسَمَّيْته " كِتَابَ الْهِدَايَةِ الْكَافِيَةِ الشَّافِيَةِ لِبَيَانِ حَقَائِقِ الْإِمَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْوَافِيَةِ " فَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ مُقَدِّمَةِ يُحْتَاجُ إلَيْهَا، وَيَجِبُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا، لِيُسْتَعَانَ بِهَا فِي فَهْمِ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا وَفِيهَا مَسَائِلُ نَرْجُو أَنْ تَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الْوَلِيِّ وَسَائِلُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ نَسَبِهِ وَفَضْلِهِ وَعِلْمِهِ وَتَآلِيفِهِ وَسِنِّهِ وَمَوْتِهِ وَكَرَامَاتِهِ وَطَرِيقِهِ فِي هَدْيِهِ فَلْنَذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً صَالِحَةً يَقِفُ عَلَيْهَا مَنْ لَهُ مَحَبَّةٌ وَشَوْقٌ فِي مَقَامِ هَذَا الْوَلِيِّ السُّنِّيِّ لِيَزِيدَ بِذَلِكَ تَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ وَزِيَادَةً فِي بِرِّهِ وَتَخَلُّقًا بِطَرِيقِهِ وَتَحَقُّقًا فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَاحْتِقَارًا لِنَفْسِهِ وَيُعْلَمَ أَنَّ عِلْمَهُ إنَّمَا هُوَ ثَمَرَةُ عَمَلِهِ وَإِخْلَاصٌ لِنِيَّتِهِ وَحُسْنِ مُعَامَلَتِهِ لِرَبِّهِ فِي خِدْمَتِهِ.
أَمَّا نَسَبُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ الشَّيْخُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَعْلَمُ الْإِمَامُ الصَّالِحُ الْعَالِمُ الْقُدْوَةُ الْعَلَّامَةُ الْبَرَكَةُ الْفَهَّامَةُ ذُو الْقَدْرِ الْكَبِيرِ وَالْفَخْرِ الشَّهِيرِ الْحَاجُّ لِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الْمُعَظِّمُ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْوَرِعُ الْأَنْزَهُ الْأَكْمَلُ سَيِّدُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَرَفَةَ الْمَالِكِيُّ مَذْهَبًا الْوَرْغَمِّيُّ نَسَبًا التُّونِسِيُّ مَوْلِدًا وَمَنْشَأً تَزَايَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَامَ سِتَّةَ عَشَرَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ عَامَ ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَكَانَ وَالِدُهُ رَجُلًا خَيِّرَا صَالِحًا مُتَعَبِّدًا جَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ وَلَازَمَهَا وَتُوُفِّيَ بِهَا وَكَانَ يَدْعُو فِي آخِرِ لَيْلِهِ لِوَلَدِهِ بَعْدَ تَهَجُّدِهِ وَيُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنَ عَرَفَةَ فِي حِمَاك يَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حَتَّى صَحِبَهُ اللُّطْفُ الْجَمِيلُ فِي حَيَاتِهِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ آثَارُ الْبَرَكَةِ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَكَانَ صَاحِبَ جَدٍّ وَوِلَايَةٍ وَبَخْتٍ وَيُنَاوِلُ عَصَا الْخَطِيبِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ لِلشَّيْخِ وَلِيِّ اللَّهِ سَيِّدِي خَلِيلٍ فَإِذَا نَاوَلَهُ ذَلِكَ يُفَكِّرُهُ وَيَقُولُ لَهُ يَا سَيِّدِي مُحَمَّدٌ وَلَدِي اُدْعُ لَهُ وَهَذِهِ سَعَادَةٌ رَبَّانِيَّةٌ وَعِنَايَةٌ سَمَاوِيَّةٌ سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ فَكَانَ بِذَلِكَ لَهُ الْكَرَامَاتُ مِنْ اللَّهِ وَكَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي صِغَرِهِ مَشْهُورًا بِالْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ وَالْمُطَالَعَةِ وَالْمُذَاكَرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute