تُنَافِي تَاءَ التَّأْنِيثِ قَبْلَ دُخُولِ يَاءِ النَّسَبِ فَتُحْذَفُ التَّاءُ لِأَجْلِهَا وَيَصِحُّ إدْخَالُ التَّاءِ بَعْدَ الْيَاءِ لِأَنَّ الْمَنْسُوبَ يَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ، وَأَمَّا الْعَرِيَّةُ فَهِيَ فَعَيْلَةٌ كَنَطِيحَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهَا عَلَى عَشَرَةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ يُقَالُ عَرَوْتُهُ إذَا طَلَبْته وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا ذَكَرَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَتَى بِالْعُرْفِيِّ، ثُمَّ حَدَّهَا مَصْدَرًا وَاسْمًا كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ إذَا كَانَ لِلْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَعْنَيَانِ فَالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ " تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا بِعِوَضٍ " فَقَوْلُهُ " تَمْلِيكُ " مُنَاسِبٌ لِمَقُولَةِ الْمَحْدُودِ وَهُوَ جِنْسٌ وَمُنَاسِبٌ لِمَا وَقَعَ لَهُ فِي حَدِّ الْعَطِيَّةِ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْعَارِيَّةَ وَالْحَبْسَ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْحَبْسِ إعْطَاءٌ.
(فَإِنْ قُلْت) التَّمْلِيكُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمِلْكِ وَالْمِلْكُ الشَّرْعِيُّ قَدْ حَدَّهُ الشَّيْخُ بَعْدُ فِي الدَّعْوَى وَهُوَ إحَالَةٌ عَلَى التَّعْرِيفِ بِمَجْهُولٍ (قُلْت) لَعَلَّهُ رَآهُ ظَاهِرًا وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ " مَنْفَعَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ الذَّوَاتِ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ الْحَقِيقِيَّ فِي الذَّوَاتِ لَيْسَ إلَّا لِخَالِقِهَا وَلَكِنَّ الْقَصْدَ كَمَالُ التَّصَرُّفِ الْمُطْلَقِ وَقَوْلُهُ الْمَنْفَعَةُ يُخْرِجُ بِهِ تَمْلِيكَ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ فِيهَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعِيرَ لِمِثْلِهِ بِخِلَافِ الِانْتِفَاعِ قَوْلُهُ " مُوَقِّتَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا إذَا مَلَكَ الْعَبْدُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَوَهَبَهَا إيَّاهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَلَا يَدْخُلُ الْحَبْسُ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْحَبْسَ فِيهِ مِلْكُ الِانْتِفَاعِ لَا الْمَنْفَعَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ ذَلِكَ فِيهِ بِالْإِطْلَاقِ قَوْلُهُ " لَا بِعِوَضٍ " يَخْرُجُ بِهِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ وَالْعَارِيَّةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ.
(فَإِنْ قُلْت) قَوْلُهُ مُوَقِّتَةٌ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّوْقِيتِ فَإِذَا قَالَ أَعَرْتُك هَذَا الثَّوْبَ أَوْ الدَّارَ وَلَمْ يُوَقِّتْ أَجَلًا فَلَيْسَ بِعَارِيَّةٍ مَعَ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَارِيَّةً نَعَمْ اخْتَلَفُوا إذَا قَامَ الْمُعِيرُ وَأَرَادَ أَخْذَهَا عَلَى أَقْوَالٍ (قُلْت) يَعْنِي بِالتَّوْقِيتِ، أَمَّا لَفْظًا أَوْ عَادَةً قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَتَدْخُلُ الْعُمْرَى وَالْإِخْدَامُ وَهَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ وَيَظْهَرُ لِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَقَبٌ عَلَى مَا بَوَّبُوا لَهُ فِي مَسَائِلِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَلَمْ يُطْلِقُوا عَلَى الْعُمْرَى لَفْظَ الْعَارِيَّةِ عُرْفًا وَإِنَّمَا أَطْلَقُوا عَلَيْهَا عُمْرَةً فَدَلَّ عُرْفًا عَلَى أَنَّهَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا عَارِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ فِي عُرْفِهِمْ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَعْنًى أَعَمَّ مِمَّا وَقَعَ لَهُمْ وَوَقَفْت عَلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا لِلشَّيْخِ خَلِيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى هَذَا حَقُّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَقُولَ لَهَا مَعْنَى أَعَمُّ وَمَعْنَى أَخَصُّ فَتَأَمَّلْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute