لَا يُرَدُّ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَجَّهَهُ بِأَنَّهُ رَاعَى فِيهِ لَغْوَ الْأَكْلِ شَرْعًا وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. قَالَ وَإِنْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ فَيُزَادُ فِي الْحَدِّ غَيْرُ مَنْسِيِّهِ فِي تَطَوُّعٍ وَيُزَادُ ذَلِكَ أَثَرَ جَوْفٍ (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ يَظْهَرُ مِنْ قَصْدِ حَدِّهِ الثَّانِي إنَّهُ إنَّمَا حَدُّ الْمَاهِيَّةِ الصَّحِيحَةِ (قُلْتَ) بَلْ إنَّمَا حَدٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ مُحَافَظَتَهُ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْقُيُودِ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فَأَمَّا النِّيَّةُ فَهِيَ عَلَى أَصْلِ الْمَشْهُورِ وَمَنْ يَقُولُ الْمُعَيَّنُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فَلَا تُزَادُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَإِنْعَاظٍ إنَّمَا يَلْزَمُ ذِكْرُهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِفَسَادِ الصَّوْمِ إذَا أَنْعَظَ وَفِيهِ خِلَافٌ وَكَذَلِكَ الْمَذْيُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى النَّقْضِ بِهِ إذَا كَانَ عَنْ سَبَبٍ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا كَانَ الْمَذْيُ أَوْ الْإِنْعَاظُ عَنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْ الصَّائِمِ هَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا أَثَرَ لَهُ (قُلْنَا) لَا يُرَدُّ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ كَفٌّ عَنْ كَذَا فَذَلِكَ دَالٌّ عَلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِمْسَاكِ عَنْهُ (فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُهُ وَوُصُولِ غِذَاءٍ إنْ قَصَدَ مَا يُغَذِّي الْمَعِدَةَ وَيُقَوِّيهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا اسْتَثْنَى مِنْ الْغُبَارِ لِأَنَّ الْغُبَارَ غَيْرَ الْغَالِبِ لَا تَغْذِيَةَ فِيهِ لَهَا وَإِنْ عَنَى مَا يَشْغَلُهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُغَذِّيهَا فَيُرَدُّ عَلَيْهِ الْحَصَاةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قَالَ لَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِهَا (قُلْتُ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ إنَّ الْحَدَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ مَا ذَكَرَ هُوَ الْمَشْهُورَ (فَإِنْ قُلْتُ) ظَاهِرُهُ إنَّ غَالِبَ غَيْرِ الْغُبَارِ يَنْقُضُ مُطْلَقًا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي غُبَارِ الدَّقَّاقِينَ وَلَمْ يُعَيِّنُوا فِيهِ الْمَشْهُورَ.
(قُلْتُ) هَذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ (فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُهُ لِحَلْقٍ أَوْ جَوْفٍ قَدْ قُلْتُمْ إنَّهُ أَطْلَقَ الْجَوْفَ عَلَى الْمَعِدَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ بَعْدُ فِي مُبْطِلِ الصَّوْمِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَطْلَقَ فِي الْوُصُولِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مَنْفَذٍ وَاسِعٍ أَمْ لَا وَقَدْ قَيَّدُوهُ بِالْمَنْفَذِ الْوَاسِعِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا إنْ فَسَّرْنَا الْجَوْفَ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَعِدَةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْحُقْنَةَ تُبْطِلُ إنْ كَانَتْ بِمَائِعٍ وَتَأَمَّلْ مَا سِرُّ كَوْنِهِ قَالَ حَتَّى الْغُرُوبِ وَلَمْ يَقُلْ إلَى الْغُرُوبِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ مَعَ أَنَّ الْآيَةَ وَقَعَ فِيهَا إلَى اللَّيْلِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا سِرَّ كَوْنِهِ لَمْ يَقُلْ حَتَّى اللَّيْلِ وَاللَّيْلُ أَخْصَرُ وَمُوَافِقٌ لِلْقُرْآنِ وَلَعَلَّهُ قَصَدَ الْبَيَانَ فِي مَبْدَأِ اللَّيْلِ بِذِكْرِ الْغُرُوبِ وَأَيْضًا فَهُوَ الْمُقَابِلُ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَدْ قَالَ فِي وَقْتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ اُنْظُرْهُ وَتَأَمَّلْ مَا رَدَّ بِهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute