للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ لَا تَأْكُلْ وَلَا تَشْرَبْ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَمَدْلُولُ النَّهْيِ كَفٌّ فَالصِّيَامُ قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَبِلَفْظِ النَّهْيِ وَقَدْ قَرَّرْتُمْ أَنَّهُ مِنْ الْمَأْمُورَاتِ وَهُوَ الْحَقُّ (قُلْنَا) الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَضَى فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَالنَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ وَهُوَ مُخْتَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَنَقْلٌ عَنْ الْقَاضِي فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ فَإِذَا قُلْنَا بِذَلِكَ صَحَّ أَنْ يُقَالَ صُمْ هُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا لَا تَأْكُلْ إلَخْ فَصَحَّ أَنَّهُ مِنْ الْمَأْمُورَاتِ وَمِنْ الْمَنْهِيَّاتِ عَنْ ضِدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ وَقَوْلُهُ " كَفٌّ " هَذَا مِمَّا يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ " عَدَمِيَّةٌ " وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْعَدَمِيَّةَ الَّتِي لَا وُجُودَ لَهَا مُطْلَقًا بَلْ الَّتِي لَا صُورَةَ لَهَا خَارِجًا وَالْكَفُّ عَنْ الْمَذْكُورِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ " بِنِيَّةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الْكَفَّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ وَ " عَنْ إنْزَالٍ " يَتَعَلَّقُ بِالْكَفِّ وَ " يَقَظَةً " يَخْرُجُ بِهِ إنْزَالُ النَّوْمِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ شَرْعًا فِي الصَّوْمِ " وَوَطْءٍ " مَعْطُوفٌ عَلَى إنْزَالٍ " وَإِنْعَاظٍ " كَذَلِكَ " وَمَذْيٍ " كَذَلِكَ هَذَا مَا يَمْنَعُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الصَّائِمِ أَوْ يَمْنَعَ سَبَبَهُ قَوْلُهُ " وَوُصُولِ غِذَاءٍ " هَذَا مَا يَمْنَعُ إدْخَالَهُ عَلَى الصَّائِمِ وَاحْتَرَزَ مِنْ الَّذِي لَيْسَ بِغِذَاءٍ وَلَيْسَ فِيهِ شُغْلُ الْمَعِدَةِ وَيُغَذِّيهَا قَوْلُهُ " غَيْرِ " صِفَةٌ لِلْغِذَاءِ وَ " غَالِبِ غُبَارٍ " أَخْرَجَ بِهِ مَا لَيْسَ بِغَالِبٍ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ تُرَخِّصُهُ لِضَرُورَتِهِ وَكَذَلِكَ " الذُّبَابِ " إذَا غَلَبَ فَرُخِّصَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى غُبَارٍ قَوْلُهُ " أَوْ فِلْقَةٍ بَيْنَ الْأَسْنَانِ " الظَّاهِرُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ غَالِبِ قَوْلُهُ " لِحَلْقٍ " يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وُصُولِ كَأَنَّهُ قَالَ وُصُولٌ إلَى حَلْقٍ. قَوْلُهُ " أَوْ جَوْفٍ " مَعْطُوفٌ عَلَى الْحَلْقِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوْفِ الْمَعِدَةُ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مِنْ مَنْفَذٍ وَاسِعٍ وَلِذَا زَادَ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَكَانَ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَلْقِ ظَاهِرًا وَكَذَلِكَ مَائِعُ الْحُقْنَةِ يَلْزَمُ بِهِ الْقَضَاءُ عَلَى قَوْلِهَا. قَوْلُهُ " زَمَنَ الْفَجْرِ " مَعْمُولٌ لِلْكَفِّ بِنِيَّةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَفٌّ بِنِيَّةٍ مِنْ زَمَنِ الْفَجْرِ حَتَّى الْغُرُوبِ. قَوْلُهُ " دُونَ إغْمَاءِ أَكْثَرِ نَهَارِهِ " زَادَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِيَكُونَ حَدُّهُ جَامِعًا لِصُوَرِ الْإِغْمَاءِ غَيْرَ مَا اسْتَثْنَى مِنْ الصُّورَةِ وَتَأَمَّلْ لَفْظَ دُونَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَا ذَكَرَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي أَصْلِهَا وَكَيْفَ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِهَا هَذَا مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِّ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَحْضَرَ صُورَةً يَتَوَهَّمُ إيرَادَهَا عَلَى حَدِّهِ وَهِيَ مَنْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ غَدًا فَبَاتَ وَأَكَلَ نَاسِيًا فَيُقَالُ صَوْمُهُ صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ فَيَكُونُ الْحَدُّ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَفٌّ عَنْ وُصُولِ الْغِذَاءِ فَقَالَ الشَّيْخُ هَذَا

<<  <   >  >>