للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رُكْنٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَسْمًا لِأَنَّهُ لَا يُؤْتَى فِي الرَّسْمِ بِالذَّاتِيَّاتِ كُلِّهَا وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّ اللُّزُومَ الْمَذْكُورَ خَارِجِيٌّ فَيَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الذَّاتِيِّ ضَرُورَةً قَوْلُهُ أَنَّهُ يُحَدُّ بِزِيَادَةِ مَا ذُكِرَ فَيُضَافُ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ وَأَجَابَ بِأَنْ قَالَ إنَّا نَلْتَزِمُ صِحَّةَ الرَّسْمِ وَأَنَّهُ ذُكِرَ فِيهِ الْجِنْسُ الْبَعِيدُ وَالْخَاصَّةُ وَقَوْلُكُمْ ذِي الْوُقُوفِ ذَاتِيٌّ مَمْنُوعٌ إنَّمَا الذَّاتِيُّ فِعْلُ الْوُقُوفِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا ذَكَرْنَا وَمِثْلُ هَذَا وَاقِعٌ لِلْوَانُّوغِيِّ قَبْلَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَطَوَافُ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ يَظْهَرُ أَنَّهُ قَصَدَ الْحَدَّ لِلْحَجِّ الشَّرْعِيِّ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا قَالَ بِإِحْرَامٍ فِي الْجَمِيعِ عَلَى مَا سَيَأْتِي رُبَّمَا يُفْهَمُ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَاهِيَّةُ الصَّحِيحَةُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَجْزَاءِ الْحَجِّ وَقَوْلُهُ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الطَّائِفَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كَالْمُصَلِّي فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهُورٍ وَالطُّهْرُ الْأَخَصُّ هُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وُجُودُ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْكُبْرَى ثُبُوتُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلِذَا قِيلَ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذِي طُهْرٍ فَقَطْ لَصَدَقَ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى إذَا كَانَ عَلَيْهَا وَقَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَصِحَّ الطَّوَافُ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَرْعًا وَأَيْضًا لَوْ أَطْلَقَ الطُّهْرَ دَخَلَتْ طَهَارَةُ الْخَبَثِ وَهِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ بَلْ فِي كَمَالِهِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ هَذَا أَقْرَبُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ وَقَدْ فَسَّرَهُ تِلْمِيذُهُ سَيِّدِي الْفَقِيهُ الْأَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ وَيَعْنِي بِطُهْرٍ أَخَصَّ أَنَّ الِاغْتِسَالَاتِ فِي الْحَجِّ لَا تَكْفِي إلَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهِ ذَلِكَ الَّذِي اغْتَسَلَ لَهُ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الِاغْتِسَالَاتِ إنَّمَا هِيَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ فَلَا يَصِحُّ ذِكْرُهَا فِي خَاصِّيَّتِهِ اللَّازِمَةِ لَهُ لِأَنَّ اغْتِسَالَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ وَلَمْ يُقْصَدْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا ذُكِرَ شَرْطُ الطَّوَافِ.

(فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قُلْتُمْ بِأَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَدَّ الْمَاهِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ أَعَمَّ مِنْ صَحِيحِهَا أَوْ فَاسِدِهَا فَمَا بَالُهُ اشْتَرَطَ فِي الطَّوَافِ شَرْطَ صِحَّتِهِ وَقَالَ فِي الصَّلَاةِ ذَاتِ إحْرَامٍ وَسَلَامٍ وَلَمْ يَقُلْ لِذِي طُهْرٍ أَخَصَّ (قُلْتُ) لَمَّا احْتَاجَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى جَمْعِ أَجْزَاءِ الْمَحْدُودِ فِي الْحَدِّ وَكَانَ فِيهَا مَا هُوَ جَلِيٌّ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِهِ وَذَكَرَ الطَّوَافَ احْتَاجَ إلَى بَيَانِهِ بِمَا صَيَّرَهُ الشَّارِعُ رُكْنًا فِي الْحَجِّ وَأَمَرَ بِهِ فَذَكَرَ صِفَةَ الطَّوَافِ الشَّرْعِيِّ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ التَّعْرِيفُ بِهَا وَفِيهِ بَحْثٌ وَقَوْلُهُ بِالْبَيْتِ أَخْرَجَ بِهِ الطَّوَافَ بِغَيْرِ الْبَيْتِ وَالْبَيْتُ الْكَعْبَةُ عَلَمٌ عَلَى ذَلِكَ مَشْهُورٌ وَقَوْلُهُ عَنْ

<<  <   >  >>