الْخُطْبَةِ وَلَا الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) مَا سِرُّ كَوْنِهِ عَرَّفَ الصَّلَاةَ تَعْرِيفًا وَاحِدًا وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْخَاصَّةِ وَالْحَجِّ قَدْ قَرَّرَ فِيهِ تَعْرِيفَيْنِ وَذَكَرَ فِي الثَّانِي جَمِيعَ لَوَازِمِهِ شَرْعًا.
(قُلْتُ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا ذُكِرَ مَا ذُكِرَ مِنْ عُسْرِهِ أَرَادَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُبَيِّنَ يُسْرَهُ بِحَدَّيْنِ بِرَسْمٍ تَامٍّ أَوْ بِحَدٍّ عَلَى مَا فِيهِ وَأَنَّ الْفَقِيهَ الْعَارِفَ بِقَوَاعِد الشَّرِيعَةِ لَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ رَسْمُهُ عِنْدَهُ أَوْ حَدُّهُ فَفِي ذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ التَّنْكِيتِ عَلَى مَنْ عَسُرَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ عِبَادَةٌ يَلْزَمُهَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةَ» .
(قُلْتُ) لَمَّا كَانَ الْحَدِيثُ فِيهِ نَوْعَ إجْمَالٍ فِي زَمَنِ الْوُقُوفِ تَعَرَّضَ لِمَا يُفَسِّرُهُ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْلَةُ يَوْمِ النَّحْرِ وَذَلِكَ مُفِيدٌ لِلتَّفْسِيرِ وَأَخْصَرُ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ كَمَا قَالَ بَعْدُ فِي الطَّوَافِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ رَآهُ أَبْيَنَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اللَّيْلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ لَا يُقَالُ أَنَّ هَذَا يُرَدُّ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الطَّوَافِ لِظُهُورِ عَدَمِ وُرُودِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ وَحَدُّهُ بِزِيَادَةٍ وَطَوَافٍ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ بِالْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ سَبْعًا بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمِنْهَا إلَيْهَا سَبْعًا بَعْدَ طَوَافٍ كَذَلِكَ لَا بِقَيْدِ وَقْتِهِ بِإِحْرَامٍ فِي الْجَمِيعِ قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيُمْكِنُ حَدُّهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ رَسْمِيٌّ وَالثَّانِي حَدِّيٌّ وَلَا فَرْقَ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ بِالْخَاصَّةِ وَالثَّانِي بِالذَّاتِيِّ وَكَيْفَ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَى الْأَجْزَاءِ الذَّاتِيَّةِ هُنَا وَيَقَعُ التَّعْرِيفُ بِهَا وَقَدْ قَدَّمْنَا إشْكَالَهُ وَمَا فِيهِ وَرَأَيْتُ عَنْ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ أَنَّهُ قَالَ هَذَا فِيهِ تَسَامُحٌ فِي إطْلَاقِ الْحَدِّ هُنَا وَهَذَا صَحِيحٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُمْكِنُ حَدُّهُ بِزِيَادَةٍ إلَخْ فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ رَسْمِيٌّ وَأَضَافَ إلَيْهِ مَا يُصَيِّرُهُ رَسْمًا شَبِيهًا بِالْحَدِّ بِزِيَادَةِ خَوَاصِّ الْمَاهِيَّةِ كُلِّهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُمْكِنُ رَسْمُهُ رَسْمًا تَامًّا بِالْأَوَّلِ وَرَسْمًا بِالثَّانِي بِزِيَادَةِ هَذِهِ الْخَوَاصِّ فِيهِ اللَّازِمَةِ لَهُ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا وَهَذَا يَرِدُ فِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَجْزَاءَ الْحَدِّ وَذَاتِيَّتَه فَكَيْفَ يَصِحُّ مَا ذُكِرَ وَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الرَّسْمَ أَطْلَقَهُ عَلَى الْحَدِّ النَّاقِصِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يُمْكِنُ حَدُّهُ حَدًّا نَاقِصًا بِالْأَوَّلِ وَحَدًّا تَامًّا بِالثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ ذُكِرَ فِيهِ بَعْضُ ذَاتِيَّاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَالثَّانِي اُسْتُوْفِيَ فِيهِ ذَلِكَ وَرُبَّمَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا فَقَالَ إنَّ لُزُومَ الْأَجْزَاءِ لِلْمَاهِيَّةِ خَاصَّةٌ لَهَا فَلَيْسَ ثَمَّ ذَاتِيٌّ وَوَقَعَ هُنَا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ الْمَشَذَّالِيِّ كَلَامٌ قَالَ لَا خَفَاءَ أَنَّ لُزُومَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ذَاتِيٌّ لِلْحَجِّ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute