قال تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}(الأحزاب: ٣٣). فقد خاطب الله تعالى أمهات المؤمنين ونساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ وهن الصالحات القانتات اللائي ترَبَّيْنَ في مدرسة النبوة، ونشَأْنَ في أعظم جامعة إسلامية، وتأدبن بأداب النبوة وتخَلَّقْنَ بأخلاق الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وقد كُنَّ لا يخْرُجْنَ مِن بيوتهن إلا لعذر شرعي كحج أو عمرة أو زيارة أبوين أو صلة أرحام أو عيادة مريض أو نحو ذلك، وإذا خرجن لا يُبدين زينتهن ولا يُظهِرْنَ شيئًا من محاسنهن ولا يلبسن ثيابًا براقة، فإذا كان الله تعالى قد أمرهن هذا الأمر وهُنَّ على هذا الحال فغيرُهُن من سائر النساء أولى أن يخشى عليهن لو خرجن ومشين في الطرقات على أعين الناس، وفيهم مَن في قلبه مرض من العصاة الفجرة والمجرمين الفسقة الذين لا يخشون الله ولا يخافونه ...
واتفقت كلمة الفقهاء على أن خروج المرأة من بيتها قد يكون كبيرة. إذا تحققت منه المفسدة كخروجها متعطرة متزينة، سافرة عارية، مبدية محاسنها للرجال الأجانب كما هو حاصل في هذا الزمان مما يوجب الفتنة، ويكون الخروج من المنزل حرامًا وليس كبيرة إذا ظنت وقوع الفتنة» (١).
٢٢ - وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - في تفسير قول الله - عز وجل -: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا} (القصص: ٢٣ - ٢٤).
«معنا في هذه القصة أحكام ثلاثة {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} أعطَتْ حكمًا،