للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الثالثة والعشرون بعد المائة:

الاستدلال بخبر سمراء - رضي الله عنها -:

مما أشكل على بعضهم خبر فهموا منه تولية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سمراء بنت نهيك أمر السوق، وحديث سمراء بنت نهيك الذي صححه بعض أهل العلم، فيه أن يحيى بن أبي سليم قال: «رَأَيْتُ سَمْرَاءَ بِنْتَ نَهِيكٍ ـ وَكَانَتْ قَدْ أَدْرَكَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ عَلَيْهَا دِرْعٌ غَلِيظٌ، وَخِمَارٌ غَلِيظٌ، بِيَدِهَا سَوْطٌ تُؤَدِّبُ النَّاسَ، وَتَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ» (١).

الجواب:

أولًا: هذا الخبر ليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولَّاها، بل ليس فيه أصلًا ذِكْرٌ لولاية، بل ولا سوق!

ثانيًا: إن الاحتمالات تَرِدُ على معناه وغاية ما فيه أنّ يحيى بن أبي سليم رأى سمراء تأمر وتنهى، ولم يقل إنها اتخذت ذلك عملًا أو وَلِيَتْهُ منصبًا، فربما كانت خارجة لبعض حاجتها فرأت المنكرات فأنكرتها، وهذا دأب عباد الله الصالحين، ولعل مما يجعل هذا الاحتمال وجيهًا هو عدم نقل غيره له ولو كان مَنصِبًا لكان معروفًا مشهورًا منقولًا عن غيره، ولاسيما لو كان منصبًا في محل عام يرده ويصدر عنه الفئام، بل نَدَرَ من لا تكون له حاجة فيه.

ثالثًا: أهل العلم لايحَرِّمون خروج المرأة للحاجة أو الضرورة وإن تكرر الخروج، فلو خرجت امرأة لحاجة والتزمت بضوابط الشرع في خروجها، فلا


(١) قال الألباني في الرد المفحم: «أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٢٤/ ٣١١) بإسناد جيد، قال الهيثمي (٩/ ٢٦٤): «ورجاله ثقات».

<<  <  ج: ص:  >  >>