للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة التاسعة والثمانون:

حوار بين عمر وسودة - رضي الله عنهما -:

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: «يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِى كَيْفَ تَخْرُجِينَ»، قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِى بَيْتِى، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى، وَفِى يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ، فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِى فَقَالَ لِى عُمَرُ كَذَا وَكَذَا».

قَالَتْ: «فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِى يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ» (رواه البخاري ومسلم).

الجواب:

١ - جاء صريحًا في رواية البخاري أن هذا كان قبل الحجاب، ففي البخاري عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ ـ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ ـ فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «احْجُبْ نِسَاءَكَ». فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: «أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ». حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِجَابِ.

٢ - لا تدخل هذه في صور الاختلاط المحرم؛ لأنه لقاء محدود تقتضيه طبيعة الحياة البشرية، وتلتزم فيه المرأة بالضوابط الشرعية عند تعاملها مع الرجال الأجانب ولذا نلحظ أن سودة - رضي الله عنها - لم تَرُدّ على عمر ولم تخاطبه بل انكفأت راجعة إلى بيتها، فهل يقارن هذا بما يحدث من اختلاط في العمل والتعليم (١).


(١) انظر: الرد على أحمد الغامدي ومن وافقه في إباحة الاختلاط للدكتور محمد بن عبد الله الهبدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>