للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة التاسعة والخمسون:

موقف ضحك منه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:

عن سَعْدٍ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: «أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ».

قَالَ: «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ».

قَالَ عُمَرُ: «فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ». ثُمَّ قَالَ: «أَىْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -؟»، قُلْنَ: «نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -».

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». (رواه البخاري ومسلم).

الجواب:

١ - معنى الحديث:

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من صحيح البخاري:

قَوْله: (اِسْتَأْذَنَ عُمَر عَلَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَعِنْده نِسْوَة مِنْ قُرَيْش) هُنَّ مِنْ أَزْوَاجه، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعَهُنَّ مِنْ غَيْرهنَّ لَكِنْ قَرِينَة قَوْله: «يَسْتَكْثِرْنَهُ» يُؤَيِّد الْأَوَّل، وَالْمُرَاد أَنَّهُنَّ يَطْلُبْنَ مِنْهُ مِمَّا يُعْطِيهِنَّ. وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُنَّ يُكْثِرْنَ الْكَلَام عِنْده، وَهُوَ مَرْدُود بِمَا وَقَعَ التَّصْرِيح بِهِ فِي حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم أَنَّهُنَّ يَطْلُبْنَ النَّفَقَة.

قَوْله: (عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ) قَالَ اِبْن التِّين: «يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قَبْل نُزُول النَّهْي عَنْ رَفْع الصَّوْت عَلَى صَوْته، أَوْ كَانَ ذَلِكَ طَبْعهنَّ» اِنْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>