وهو كل ما كان في الأماكن العامة وتدعو الحاجة إليه ويشق التحرز عنه , ولا محظور فيه كاختلاط النساء بالرجال في الأسواق والطرقات لقضاء حاجة كسؤال عن متاع أو استفتاء وسؤال عن حاجة وبيع وشراء ونحوه، إذ يسعى الجميع في حاجته ذهابًا وجيئةً، ويبيعون ويشترون، فلا بأس في هذا ما لم يتلبّس من وَقع فيه بمحرّم خارجٍ عنه، فما هو إلا لقاء عابر , واللقاء العابر لقاء محدود لا تزول به الكلفة، وتلتزم فيه المرأة بالضوابط الشرعية في التعامل مع الرجال الأجانب.
فالاختلاط العابر، في موضع لايخشى منه الفتنة ـ في الغالب ـ ليس من الصور المحرّمة، بل هو مما تعمّ به البلوى، ويضطر إليه الناس لمعاشهم في كلّ زمانٍ ومكان.
ومن الصوَر التي لا حَرجَ فيها:
١) الأصل جواز اختلاط النساء بمحارمهن، وكذلك الأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء (١)، ومن كان نحوهم، ما دام جانب الفتنة مأمونًا.
٢) اجتماع الرجال والنساء في المسجد الواحد لأداء فريضة أو عبادة، كما هو الحال منذ صدْرِ الإسلام وحتى يومنا هذا، في المساجد الثلاثة التي تُشدّ إليها الرحال وغيرِها، وقد كانت النساء يشهدن الصلاة مع النبيّ ص في المسجد، ولم يَنْهَ عن ذلك، كما لم يأمر بضرب حاجزٍ بين صفوف الرجال وصفوف النساء.
(١) قال تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (النور: ٣١) أي: الأطفال الذين دون التمييز، فإنه يجوز نظرهم للنساء الأجانب، وعلل تعالى ذلك، بأنهم لم يظهروا على عورات النساء، أي: ليس لهم علم بذلك، ولا وجدت فيهم الشهوة بعدُ، ودل هذا أن المميز تستتر منه المرأة، لأنه يظهر على عورات النساء. (تفسير السعدي، ص ٥٦٦ - ٥٦٧).