للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الثانية عشرة:

أخذ الإماء بيد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:

حديث أنس بن مَالِك - رضي الله عنه - قَالَ: «كانَتِ الأمَةُ مِنْ إماءِ أهْلِ المَدِينَةِ لِتَأْخُذُ بِيَدِ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شاءَتْ» (رواه البخاري).

الجواب: مِنْ وجهين:

الأوّل: لماذا نتعلق بالمتشابه وعندنا القول المحكم لرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ» (رواه البيهقي والطبراني في (المعجم الكبير)، وقال المنذري: «رجال الطبراني ثقات رجال الصحيح». وقال الهيثمي: «رجاله رجال الصحيح».وصححه الألباني. (١)

الثاني: أن دلالة «لِتَأْخُذُ بِيَدِ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -» على المس غير واضحة؛ إذ ربما يراد بذلك الإشارة إلى غاية التصرف واللين، قَالَ الحافظ ابن حَجَر: «وَالْمَقْصُود مِنْ الْأَخْذ بِالْيَدِ لَازِمُهُ وَهُوَ الرِّفْق وَالِانْقِيَاد. وَقَدْ اِشْتَمَلَ عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْمُبَالَغَة فِي التَّوَاضُع لِذِكْرِهِ الْمَرْأَة دُون الرَّجُل، وَالْأَمَة دُون الْحُرَّة، وَحَيْثُ عَمَّمَ بِلَفْظِ الْإِمَاء أَيّ أَمَة كَانَتْ، وَبِقَوْلِهِ «حَيْثُ شَاءَتْ» أَيْ مِنْ الْأَمْكِنَة.

وَالتَّعْبِير بِالْأَخْذِ بِالْيَدِ إِشَارَة إِلَى غَايَة التَّصَرُّف حَتَّى لَوْ كَانَتْ حَاجَتهَا خَارِج الْمَدِينَة وَالْتَمَسَتْ مِنْهُ مُسَاعَدَتهَا فِي تِلْكَ الْحَاجَة عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا دَالّ عَلَى مَزِيد تَوَاضُعه وَبَرَاءَته مِنْ جَمِيع أَنْوَاع الْكِبْر - صلى الله عليه وآله وسلم -» (٢).

تنبيه:

روى الإمام أحمد في المسند، وابن ماجه في سننه، وابن أبي الدنيا في التواضع


(١) مجمع الزوائد (٤/ ٣٢٦)، الترغيب (٣/ ٦٦)، السلسلة الصحيحة (برقم ٢٢٦).
(٢) فتح الباري (١٠/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>