للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الرابعة والأربعون:

دخول اليهود على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بحضرة عائشة:

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَتْ: «دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالُوا: «السَّامُ عَلَيْكُمْ». قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ».

قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ».

فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟».

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». (رواه البخاري ومسلم).

الجواب:

١ - هذه الحادثة كانت قبل فرض الحجاب، فلا يسوغ الاستدلال بها؛ فمن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أجلى يهود بني النضير من المدينة في السنة الثالثة من الهجرة ونزلت فيهم سورة الحشر، وأما بنو قريظة فتم إجلاؤهم عقب غزوة الخندق مباشرةً بعد ما جرى منهم من نقض العهد.

وأما فرض الحجاب فقد كان بعد الفراغ من الغزوة وتمام إجلاء اليهود، وبناء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بزينب بنت جحش وصنع الوليمة كما صح ذلك من حديث أنس وغيره (١).

٢ - على فرض أن ذلك كان بعد فرض الحجاب فإن كلام عائشة - رضي الله عنها - كان من وراء الحجاب؛ قال الحافظ ابن حجر في معنى الدخول: «لَا يَلْزَم مِنْ الدُّخُول رَفْع الْحِجَاب فَقَدْ يَدْخُلَ مِنْ الْبَاب وَتُخَاطِبهُ مِنْ وَرَاء الْحِجَاب» (٢).


(١) الاختلاط بين الجنسين أحكامه وآثاره، د محمد بن عبد الله المسيميري، د محمد بن عبد الله الهبدان (ص ١٨١).
(٢) فتح الباري (٩/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>