للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الحادية والعشرون بعد المائة:

مشاورة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأم سلمة - رضي الله عنها -:

ومما استدلوا به على جواز دخول المرأة إلى المجالس التشريعية قولهم إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد استشار أم سلمة - رضي الله عنها - عندما لم يُنَفِّذ الصحابة - رضي الله عنهم - أمر الرسول بالحلق والذبح والتحلل من العمرة في الحديبية، وأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عمل بمشورتها.

الجواب:

ليس في استدلالهم بهذه الحادثة حجة أو دليل من قريب ولا بعيد.

والقصة كما جاءت في (صحيح البخاري) عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضي الله عنه - في قصة صلح الْحُدَيْبِيَةِ، وفيها: «فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - لأَصْحَابِهِ «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا».

قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِىَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «يَا نَبِىَّ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ».

فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا».

وهذه القصة ليس فيها دليل على ترشيح المرأة لمجلس نيابي أو اختيار مَن ترشحه لإمامة المسلمين، وكل ما فيها أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما دخل على أم سلمة - رضي الله عنها - شاكيًا ما لقيه من الناس الذين أصابهم الغم لمَّا وقع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - صلح الحديبية، وكانت فيه شروط رأى المسلمون فيها ذلًا ومهانة، فإنها تقتضي بأن يرجعوا إلى المدينة دون إتمام عمرتهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>