للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة العاشرة بعد المائة:

إن الإمام مالكًا أباح الاختلاط؟

قد يستدل دعاة الاختلاط بأقوال منسوبة لبعض العلماء المعتبرين، قد لا تصح عنهم أصلًا، وإن صحت فعند التأمل لا تجد فيها ما يؤيد قول دعاة الاختلاط، وعلى فرض صحة أنها تؤيد قولهم، فإنه إنْ كان لا يُحْتَجّ بأقوال وأفعال الصحابة إن خالفت أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ونهيه؛ فمَن بَعدهم مِن العلماء أولى، وقد نهى الأئمة عن اتباع أقوالهم إن خالفت الكتاب والسنة.

ومن ذلك قولهم إن الإمام مالكًا أباح الاختلاط؟

قَالَ يَحْيَى: سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِى مَحْرَمٍ مِنْهَا أَوْ مَعَ غُلاَمِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ: «لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ مَا يُعْرَفُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ مِنَ الرِّجَالِ».

قَالَ: «وَقَدْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا وَمَعَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُؤَاكِلُهُ أَوْ مَعَ أَخِيهَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْلُوَ مَعَ الرَّجُلِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حُرْمَةٌ» (١).

الجواب:

أولًا: هذا القول للإمام مالك - رحمه الله -، ليس فيه إباحة للاختلاط، بل إجابة لسؤال عن المرأة تأكل مع غير ذي محرم، فقال: «لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ مَا يُعْرَفُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ مِنَ الرِّجَالِ ... وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْلُوَ مَعَ الرَّجُلِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حُرْمَةٌ».

فأين إجازة الإمام مالك للاختلاط في هذه الفتوى؟ وقد اشترط - رحمه الله - أن يكون جلوسها مع الرجال معروفًا لا يستنكر، كأن تكون مع الأقارب أو الأرحام أو


(١) موطأ مالك (٢/ ٦١٤)، وقال محققه: صحيح إلى مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>