للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة السادسة عشرة بعد المائة:

كن واقعيًا:

قالوا: منع الاختلاط في العمل ليس له معنى إلاّ تضييق مجالات العمل للمرأة وحرمانها من أبواب رزق كثيرة، وحُكم على كل مطالبة بعزل الرجال عن النساء بأنها مطالبات مكلفة، فيها تضييع للمال وتبديد للثروات!!

الجواب:

لا تكاد تُثار قضيةُ عملِ المرأة إلاّ وتُثار معها قضيةُ الاختلاطِ، وكأنه قد كُتب على المرأة ألاّ تعملَ إلاّ وقد خالطت الرجال، وصار لها زملاءُ عمل كما لها زميلات.

وما جاء هذا الحكم الجائر والنظر القاصر إلاّ من النظرة المادية، التي لا تراعي في حسابات الربح والخسارة مكتسباتِ القيم والفضائلِ، فليس معدودًا من المكتسبات التي تستحق أن يُصرفَ فيها المال أن تحافظ على أخلاق الموظفين والموظفات وعلى أعراضهن، وأن تسدَّ عليهم ذرائع الفتنة والفاحشة.

وتجد مِن هؤلاء مَن يناقش قضيةَ الاختلاط بمثالية مفرطة؛ فينظر إلى واقع الشبان والشابات نظرةً مثالية، فهم في نظره بمنأى عن مزالق الفاحشة، ويرى أن نُضجَ عقولهم وحصانة أخلاقهم يمنعانهم ـ مهما اختلطوا ـ أن يقعوا في شيء من طرائقها.

والعجيب أن هؤلاء يدَّعون الواقعيةَ في التعامل مع الواقع، ويطالبون غيرهم بأن يعالج الأمور بنظرة واقعية تراعي طبيعة البشر وطباعَهم، ويتناسَوْن أن من طبيعة البشر ميل كل جنس إلى الآخر.

ويتناسَوْن أن النظرة الواقعية في طبيعة العلاقة بين الجنسين تفرض التحرّزَ والتحوّطَ، لا التساهلَ والمبالغة في إحسان الظن، والتعويلَ على الحصانة الإيمانية والثقافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>