للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني:

الأمر بغض البصر دليل على المنع من الاختلاط:

أمر الله الرجال بغض البصر، وأمر النساء بذلك؛ قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} ... (النور: ٣٠ - ٣١).

فلو كان الاختلاط سائغًا في الشرع لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يطاق؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل، وتجلس بجواره في العمل أو الدراسة، ولا ينظر كل واحد منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس؟!

قال الدكتور عبد الله ناصح علوان (١): «كيف نتصور غض البصر لكل من الرجل والمرأة وهما مجتمعان في مكان واحد؛ فالآية إذن في مدلولها تنهى عن الاختلاط وتحرمه» (٢).

إن غض البصر من الرجال عن محاسن المرأة؛ سواء البشرة إذا انكشفت، أو تقاسيم البدن إذا بدت من وراء الحجاب: مأمور به.

وسواء قيل بوجوب تغطية الوجه والكفين أم لا، فإن غض البصر واجب عن سائر البدن.

وغض البصر متعذر بل ممتنع في الاختلاط المنظم؛ لطول المكث في مجلس واحد، فصَرْفُ البصر من كليهما غير ممكن، وتحوط المرأة في حجابها شاق؛ إذ طول المقام يلجؤها إلى تغيير أوضاعها، مما سيبدي حتما ما يجب ستره.


(١) الأستاذ في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة سابقًا، وأحد رموز الإخوان المسلمين في سوريا والعالم - رحمه الله -.
(٢) تربية الأولاد في الإسلام (١/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>