استدلّ بعض دعاة الاختلاط بين الرجال والنساء بحديث أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ:«وَهَذِهِ» ـ لِعَائِشَةَ ـ فَقَالَ: «لَا»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا»، فَعَادَ يَدْعُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَهَذِهِ»، قَالَ:«لَا»، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا» ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَهَذِهِ»، قَالَ:«نَعَمْ» فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ. (رواه مسلم).
قالوا: ففي هذا الحديث تسويغٌ للمسلم أن يصحب زوجته إلى المآدب يقيمها جار أو صديق.
الجواب:
١ - هذا الحديث لا يدل على أكثر من شيء واحد وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - اصطحب عائشة - رضي الله عنها - معه إلى بيت الرجل الفارسي.
وهو كما دلت أحاديث كثيرة أخرى على اصطحاب الصحابة نساءهم إلى المساجد، وكما دلت أحاديث أخرى على زيارة كثير من الصحابة لأمهات المؤمنين عامة وعائشة - رضي الله عنها - خاصة، من أجل رواية الحديث أو أخذ الفتاوى أو السؤال عن بعض أحوال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
فأي تعارض بين هذه الدلالة التي لا إشكال فيها ولا نزاع وبين الحكم الإلهي القاضي باحتجاب المرأة عن الرجال والأمر لهم إذا جاؤوا يسألونهن حاجة أن يسألوهن من وراء حجاب؟!
٢ - أما أن يرفض رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الاستجابة لدعوة الفارسي إلا أن تصحبه عائشة - رضي الله عنها - فشيء ثابت لا إشكال فيه ولا منقصة، بل إن فيه الصورة البارزة الحية لجميل