للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة التاسعة عشرة:

نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هل كُنَّ يجالسن الصحابة بوجود الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -:

قالوا: قد وردت كثير من الأحاديث برواية عائشة وغيرها من زوجات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وبعضها دارت أحداثها في بيت النبوة وبوجود الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فهل يعني ذلك أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - كانت تجالس الصحابة بوجود الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -؟

الجواب:

لا يخفى أن زوجات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كنَّ يتحدثن إلى الرجال الأجانب في بيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بلا فاصل، فلما نزل قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:٥٣)، احتجبن فلم يحدثن أحدًا من غير محارمهن إلا من وراء حجاب (١).

ويدل على ذلك ما رواه البخارى ومسلم عن أَبِى مُوسَى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَهْوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ: «أَلاَ تُنْجِزُ لِى مَا وَعَدْتَنِى».

فَقَالَ لَهُ «أَبْشِرْ».

فَقَالَ: «قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَىَّ مِنْ أَبْشِرْ».

فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِى مُوسَى وَبِلاَلٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ فَقَالَ: «رَدَّ الْبُشْرَى فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا».

قَالاَ: «قَبِلْنَا».

ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ «اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا، وَأَبْشِرَا».

فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلاَ، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ أَنْ أَفْضِلاَ لأُمِّكُمَا؛ فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً، فالشاهد أن أم سلمة - رضي الله عنها - كانت تُكلِّم الناس من وراء حجاب.


(١) فتاوى موقع الشبكة الإسلامية، بإشراف د. عبد الله الفقيه، (رقم الفتوى: ٢٤٩٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>