للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الثامنة والعشرون بعد المائة:

هل أجاز الإمام الطبري تولية المرأة القضاء؟

الجواب:

إن ما نُقِلَ عن ابن جرير الطبري في جواز تولي المرأة القضاء لم يصح عنه، ولم يُرْوَ ذلك عنه بسند من الأسانيد، ومذهب الطبري مندثر لم يُكتب له البقاء ولم يُدَوِّنه عنه تلاميذه، وفي تفسيره الموجود بين أيدينا لم نجد قوله المنسوب إليه كما أن كتبه في الفقه لم يُعثر عليها.

١ - يقول الإمام ابن العربي المالكي: «وَنُقِلَ عَنْ مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ أَنَّهُ يَجُوز أَنْ تَكُون الْمَرْأَة قَاضِيَة , وَلَمْ يَصِحّ ذَلِكَ عَنْهُ» (١).

٢ - جزم بعدم صحة ذلك لابن جرير الطبري ـ الإمام القرطبي - رحمه الله - حيث نقل الكلام السابق لابن العربي، وذلك عند تفسير قول الله - عز وجل - على لسان هدهد سليمان عن ملكة سبأ: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (النمل: ٢٣) (٢).

٣ - إن صاحب الرأي دائمًا ينافح عنه ويقدم عليه الأدلة كلما ناسبته الفرصة لذلك، وقد ناسب ابن جرير - رحمه الله - العديد من الفرص سواء في تفسيره أو في تاريخه لما تكلم عن قصة سليمان - عليه السلام -، وعن توليه ابنة كسرى لما مات أبوها، ولما ذكر حديث: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»، ورغم ذلك لم يُشِرْ لولاية المرأة للقضاء أو عدمها كما هي عادة العلماء.

٤ - الخلاف بين الفقهاء حول تولية المرأة القضاء لم يتَعَدَّ مجرد إبداء الرأي، فلم يرشدنا تاريخ القضاء الإسلامي من عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى نهاية الخلافة العثمانية أن المرأة تقلدت ولاية.


(١) أحكام القرآن (٣/ ١٤٥٧).
(٢) تفسير القرطبي (١٣/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>