للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الخامسة والثلاثون:

حديث أَبي السَّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكٍ مع سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ:

أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ ـ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ـ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ ـ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ـ فَقَالَ لَهَا: «مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ تُرَجِّينَ (١) النِّكَاحَ؛ فَإِنَّكِ وَاللهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ».

قَالَتْ سُبَيْعَةُ: «فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي». (رواه البخاري ومسلم).

الجواب:

لا يُظَنُّ بسبيعة - رضي الله عنها - أنها تزينت للخطاب في الأسواق والطرقات، ومن ظن ذلك فقد أساء فهم النص، فسبيعة - رضي الله عنها - صحابية جليلة روى عنها فقهاء المدينة، فحاشاها أن تخرج إلى الأسواق والطرقات متجملة سافرة الوجه طلبًا للخطاب، ومن قال بهذا فقد نسب إليها ما لا يليق بها.

فغاية ما في الروايات عنها أنها كانت تتجمل داخل بيتها بعدما انقضت عدتها، وأبو السنابل قد رآها من جملة من رآها من الخطاب داخل بيتها، وفي رواية للبخاري: «وَكَانَ


(١) (تُرَجِّينَ) بالضم والتشديد، من الرجاء وهو الأمل. (انظر: مقدمة فتح الباري ص ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>