للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الثامنة والثلاثون:

مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ تُزَفْزِفِينَ؟

عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ ـ أَوْ أُمِّ الْمُسَيَّبِ ـ فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ ـ أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيَّبِ ـ تُزَفْزِفِينَ؟» (١).

قَالَتْ: «الْحُمَّى؛ لَا بَارَكَ اللهُ فِيهَا».

فَقَالَ: «لَا تَسُبِّي الْحُمَّى؛ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» (رواه مسلم).

الجواب:

١ - نفس الجواب على الشبهة السابقة (حديث ضُبَاعَة بِنْت الزُّبَيْر بْن عَبْد الْمُطَّلِب)، فلعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل في حاجة ـ كعيادتها في مرضها ـ مع وجود المحرم، أو أن هذا الحكم خاصٌّ به - صلى الله عليه وآله وسلم - لكونه معصومًا.

والذي يدفعنا إلى هذين الاحتمالين ما سبق ذكره من نصوص محكمة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تنهى عن الدخول على النساء، ولا يُعقَل أن يخالفنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى ما ينهانا عنه، قال الله - عز وجل - على لسان شعيب - عليه السلام -: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (هود: ٨٨).

والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هو أتقانا لله وأخشانا له.

فيجب رد المتشابه إلى المحكم وفهمه في ضوئه.

قَالِ الإمَامِ الشَّافِعِيِّ - رحمه الله -: «وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ


(١) (تُزَفْزِفِينَ) مَعْنَاهُ تَتَحَرَّكِينَ حَرَكَة شَدِيدَة، أَيْ تَرْعَدِينَ. (قاله الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم (١٦/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>