للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة التسعون:

صلاة عمرو بن سلمة بقومه وهو صغير:

عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قَالَ: «كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: «مَا لِلنَّاسِ؟ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟» فَيَقُولُونَ: «يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ أَوْحَى اللهُ بِكَذَا».

فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلاَمَ، وَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِى صَدْرِى، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمِ الْفَتْحَ، فَيَقُولُونَ اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهْوَ نَبِىٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: «جِئْتُكُمْ وَاللهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - حَقًّا»، فَقَالَ: «صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا فِى حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا».

فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّى، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ: «أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ». فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِى قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ». (رواه البخاري) (١).

الجواب:

١ - عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ كان طفلًا فعمره ست أوسبع سنين وليس عنه حجاب.

٢ - كان هذا في بداية إسلامهم، ولا يُستَغرب أن يحدث من رجل أو امرأة لم يتعلما من أحكام الإسلام إلا القليل، بل إن صغيرهم أصبح أعلمهم بكتاب الله.

٣ - كان هذا في الصلاة ولا مانع من شهود النساء للجماعة (٢) بالضوابط الشرعية.


(١) «قَوْله: (مَا هَذَا الرَّجُل) أَيْ يَسْأَلُونَ عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَعَنْ حَال الْعَرَب مَعَهُ. قَوْله: (أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْحَى اللَّه بِكَذَا) يُرِيد حِكَايَة مَا كَانُوا يُخْبِرُونَهُمْ بِهِ مِمَّا سَمِعُوهُ مِنْ الْقُرْآن. (يُغَرِّي) أَيْ يُلْصَق بِالْغِرَاءِ. قَوْله: (تَلَوَّمَ) أَيْ تَنْتَظِر. قَوْله: (وَبَدَرَ) أَيْ سَبَقَ. قَوْله: (تَقَلَّصَتْ) أَيْ انْجَمَعَتْ وَارْتَفَعَتْ. قَوْله: (فَاشْتَرَوْا) أَيْ ثَوْبًا». (باختصار من شرح الحافظ ابن حجر لهذا الحديث من صحيح البخاري).
(٢) الاختلاط بين الجنسين أحكامه وآثاره، د محمد بن عبد الله المسيميري، د محمد بن عبد الله الهبدان (ص ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>