للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة السابعة والثمانون:

تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ:

عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ: أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ بَعْضُهُمْ: «هُوَ صَائِمٌ»، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «لَيْسَ بِصَائِمٍ»، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ» (١)

(رواه البخاري ومسلم).

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من صحيح البخاري:

«وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد ... الْمُنَاظَرَةُ فِي الْعِلْم بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ» (٢).

الجواب:

١ - ليس في هذا الحديث تصريح بأن مَن كانوا عند أم الفضل لم يكونوا من محارمها.

٢ - في الحديث: (أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ) فمعلوم أن (عند) تفيد (الحيز) لا (الملاصقة) , فقد يكونون في (الحيز) الخاص بها في يوم عرفة وسَمِعتهم.

٣ - قول الحافظ ابن حجر: «وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد ... الْمُنَاظَرَةُ فِي الْعِلْم بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ»، ليس فيه حجة لدعاة الاختلاط؛ ويجب أن يُفهم كلامه في ضوء قوله في شرح حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: «يَا رَسُولَ اللهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟»، قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ» (رواه البخاري ومسلم).


(١) قَوْله: (أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا) أَيْ اِخْتَلَفُوا.

قَوْله: (فِي صَوْم النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ صَوْم يَوْمِ عَرَفَةَ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ مُعْتَادًا لَهُمْ فِي الْحَضَر، وَكَأَنَّ مَنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ صَائِم اِسْتَنَدَ إِلَى مَا أَلِفَهُ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَمَنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ قَامَتْ عِنْدَهُ قَرِينَةُ كَوْنِهِ مُسَافِرًا، وَقَدْ عُرِفَ نَهْيُهُ عَنْ صَوْمِ الْفَرْضِ فِي السَّفَر فَضْلًا عَنْ النَّفْل».قاله الحافظ ابن حجر في (فتح الباري (٤/ ٢٣٦).
(٢) فتح الباري (٤/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>