للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوضح ذلك رواية البخاري: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ بِهَذَا، وَقَالَ: «مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ».

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: قَوْله: (بِهَذَا) أَيْ بِالْحَدِيثِ الذِي قَبْلَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ أَبَا غَسَّان وَعَبْد العَزِيز بْن أَبِي حَازِم اِشْتَرَكَا فِي رِوَايَةِ هَذَا الحَدِيثِ عَنْ أَبِي حَازِم، وَزَادَ عَبْد العَزِيز الزِّيَادَةَ المَذْكُورَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ: «مَا كُنَّا نَقِيلُ وَنَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الجُمُعَة»، وَقَدْ رَوَاهَا أَبُو غَسَّان مُفْرَدَة كَمَا فِي البَابِ الذِي بَعْدَهُ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْر الغَدَاءِ» (١).

سابعًا: ماذا فهم العلماء من هذا الحديث؟ هل فهموا ما فهمه دعاة الاختلاط؟:

١ - بوَّب عليه الإمام النووي في رياض الصالحين على هذا الحديث: (باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط).

٢ - ابن بطال: «فيه ما كان السلف عليه من الاقتصار فى مطعمهم وتقللهم واقتصارهم على الدون من ذلك، ألا ترى حرصهم على السلق والشعير، وهذا يدل أنهم كانوا لا يأكلون ذلك فى كل وقت ولم تكن همتهم اتباع شهواتهم، وإنما كانت همتهم من القوت فيما يبلغهم المحل ويدفعون سورة الجوع بما يمكن، فمن كان حريصًا أن يكون فى الآخرة مع صالح سلفه فليسلك سبيلهم وليَجْرِ على طريقتهم ولْيَقْتَد بهديهم» (٢).

٣ - الحافظ ابن حجر: «وَفِي الْحَدِيث مَا كَانَ السَّلَف عَلَيْهِ مِنْ الِاقْتِصَاد وَالصَّبْر عَلَى قِلَّة الشَّيْء إِلَى أَنْ فَتَحَ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ الْفُتُوح الْعَظِيمَة، فَمِنْهُمْ مَنْ تَبَسَّطَ فِي الْمُبَاحَات مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ اِقْتَصَرَ عَلَى الدُّون مَعَ الْقُدْرَة زُهْدًا وَوَرَعًا» (٣).


(١) فتح الباري (٢/ ٤٢٧).
(٢) شرح البخاري لابن بطال (١٨/ ٩٠).
(٣) فتح الباري (٩/ ٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>