وَقَالَ غَيْره: «يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الرَّفْع حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعهنَّ لَا أَنَّ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَانَ صَوْتهَا أَرْفَع مِنْ صَوْته»، وَفِيهِ نَظَر. قِيلَ: «وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِيهِنَّ جَهِيرَة، أَوْ النَّهْي خَاصّ بِالرِّجَالِ»، وَقِيلَ: «فِي حَقّهنَّ لِلتَّنْزِيهِ، أَوْ كُنَّ فِي حَال الْمُخَاصَمَة فَلَمْ يَتَعَمَّدْنَ، أَوْ وَثِقْنَ بِعَفْوِهِ. وَيَحْتَمِل فِي الْخَلْوَة مَا لَا يَحْتَمِل فِي غَيْرهَا».
قَوْله: (أَضْحَكَ اللَّه سِنَّك) لَمْ يُرِدْ بِهِ الدُّعَاء بِكَثْرَةِ الضَّحِك بَلْ لَازِمه وَهُوَ السُّرُور، أَوْ نَفْي لَازِمه وَهُوَ الْحُزْن.
قَوْله: (أَتَهَبْنَنِي) مِنْ الْهَيْبَة أَيْ تُوَقِّرْنَنِي.
قَوْله: (أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ) بِصِيغَةِ أَفْعَل التَّفْضِيل مِنْ الْفَظَاظَة وَالْغِلْظَة وَهُوَ يَقْتَضِي الشَّرِكَة فِي أَصْل الْفِعْل، وَيُعَارِضهُ قَوْله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: ١٥٩ (؛ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَظًّا وَلَا غَلِيظًا.
وَالْجَوَاب: أَنَّ الَّذِي فِي الْآيَة يَقْتَضِي نَفْي وُجُود ذَلِكَ لَهُ صِفَة لَازِمَة فَلَا يَسْتَلْزِم مَا فِي الْحَدِيث ذَلِكَ، بَلْ مُجَرَّد وُجُود الصِّفَة لَهُ فِي بَعْض الْأَحْوَال وَهُوَ عِنْد إِنْكَار الْمُنْكَر مَثَلًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَجَوَّزَ بَعْضهمْ أَنَّ الْأَفَظّ هُنَا بِمَعْنَى الْفَظّ، وَفِيهِ نَظَر لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ الْمُقْتَضِي لِحَمْلِ أَفْعَل عَلَى بَابه، وَكَانَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَا يُوَاجِه أَحَدًا بِمَا يَكْرَه إِلَّا فِي حَقّ مِنْ حُقُوق اللهِ، وَكَانَ عُمَر يُبَالِغ فِي الزَّجْر عَنْ الْمَكْرُوهَات مُطْلَقًا وَطَلَب الْمَنْدُوبَات، فَلِهَذَا قَالَ النِّسْوَة لَهُ ذَلِكَ.
قَوْله: (فَجًّا) أَيْ طَرِيقًا وَاسِعًا.
قَوْله: (إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْر فَجِّك) فِيهِ فَضِيلَة عَظِيمَة لِعُمَر تَقْتَضِي أَنَّ الشَّيْطَان لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute