للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنهمَا الحِجَاب وَخَلَا وَجْه كُلّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ.

فِي أَيّ جَوّ مِنْ أَجْوَاء هَذَا البَلَد تُرِيدُونَ أَنْ تَبْرُز نِسَاؤُكُمْ لِرِجَالِكُمْ؟ أَفِي جَوّ المُتَعَلِّمِينَ وَفِيهِمْ مَنْ سُئِلَ مَرَّة لِمَ لَمْ يَتَزَوَّج فَأَجَابَ: «نِسَاء البَلَد جَمِيعًا نِسَائِي».

أَمْ فِي جَوّ الطَّلَبَة وَفِيهِمْ مَنْ يَتَوَارَى عَنْ أَعْيُن خلَّانه وأترابه خَجَلًا إنْ خَلَتْ مَحْفَظَته يَوْمًا مِنْ الأَيَّام مَنْ صُوَر عَشِيقَاته وَخَلِيلَاته أَوْ أُقفِرَتْ مِنْ رَسَائِل الحُبّ وَالْغَرَام؟

أَمْ فِي جَوّ الرّعَاع وَالْغَوْغَاء، وَكَثِير مِنْهُمْ يَدْخُل البَيْت خَادِمًا ذَلِيلًا وَيَخْرُج مِنْهُ صِهْرًا كَرِيمًا؟

وَبَعْدُ فَمَا هَذَا الوَلَع بِقِصَّة المَرْأَة والتمطُّق بِحَدِيثِهَا وَالْقِيَام وَالْقُعُود بِأَمْرِهَا وَأَمْر حِجَابهَا وَسُفُورهَا وَحُرِّيَّتهَا وَأَسْرَارهَا كَأَنَّمَا قَدْ قُمْتُمْ بِكُلّ وَاجِب لِلْأُمَّةِ عَلَيْكُمْ فِي أَنْفُسكُمْ فَلَمْ يَبْقَ الا أَنْ تُفِيضُوا مِنْ تِلْكَ النِّعَم عَلَى غَيْركُمْ.

أَبْوَاب الفَخْر أَمَامكُمْ كَثِيرَة فَاطْرُقُوا أَيُّهَا شئم وَدَعُوا هَذَا البَاب موصودا فَإِنَّكُمْ إِنْ فَتَحْتُمُوهُ فَتَحْتُمْ عَلَى أَنْفُسكُمْ وَيْلًا عَظِيمًا وَشَقَاء طَوِيلًا.

أَرُوْنِي رَجُلًا وَاحِدًا مِنْكُمْ يَسْتَطِيع أَنْ يَزْعُم فِي نَفْسه أَنَّهُ يَمْتَلِك هَوَاهُ بَيْن يَدَيْ اِمْرَأَة يَرْضَاهَا، فَأُصَدِّق أَنَّ اِمْرَأَة تَسْتَطِيع أَنْ تَمْلِك هَوَاهَا بَيْن يَدَيْ رَجُل تَرْضَاهُ.

إِنَّكُمْ تُكَلِّفُونَ المَرْأَة مَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تَعْجِزُونَ عَنْهُ وَتَطْلُبُونَ عِنْدهَا مَا لا تَعْرِفُونَهُ عِنْد أَنْفُسكُمْ.

مَا شَكَتْ المَرْأَة إِلَيْكُمْ ظُلْمًا وَلَا تَقَدَّمَتْ إِلَيْكُمْ فِي أَنْ تَحِلُّوا قَيْدهَا وَتُطْلِقُوهَا مَنْ أسْرِها فَمَا دُخُولكُمْ بَيْنهَا وَبَيْن نَفْسهَا؟ وَمَا تَمَضُّغُكُم لَيْلكُمْ وَنَهَاركُمْ بِقِصَصِهَا وَأَحَادِيثهَا؟

إِنَّكُمْ لَا تَرْثُونَ لَهَا بَلْ تَرْثُونَ لِأَنْفُسِكُمْ وَلَا تَبْكُونَ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى أَيَّام قَضَيْتُمُوهَا فِي دِيَار يَسِيل جَوّهَا تَبَرُّجًا وَسُفُورًا وَيَتَدَفَّق خَلَاعَة وَاسْتِهْتَارًا وَتَوَدُّونَ لَوْ ظَفِرْتُمْ هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>