الاجتماعية، تلك الفطرة التي دفعت معظم من شملهم التحقيق (٧٦%) أن يفضلوا العمل في مجال غير مختلط. ونفس النسبة أيضًا (٧٦%) قالوا أن الاختلاط لا يجوز شرعًا.
أما الملفت للنظر هو ليس هذه النسب المشرفة التي تدل على نظافة مجتمعنا الإسلامي في نفوس أصحابه بل الذي استوقفنا هو تلك النسبة القليلة التي أقرت بجواز الاختلاط وهم (١٢%).
هذه المجموعة من الأشخاص قالوا ودون استثناء أن الاختلاط يجوز ولكن بضوابط الدين، والعرف، والعادات، والأخلاق والضمير، والحشمة، والستر ... إلى آخر هذه السلسلة من القيم الجميلة والتي برأيهم تحفظ للاختلاط حدوده.
ونسألهم، هل الاختلاط الذي نراه اليوم في جامعاتنا وأسواقنا ومواقع العمل، وتجمعاتنا الأسرية، والاجتماعية، تنطبق عليه هذه المزايا السالفة الذكر؟ أم أن هذه الأماكن تعُجّ بالتجاوزات في الملبس والحديث والتصرفات، فنرى التبرج والسفور والفتن والعلاقات المشبوهة، لا أخلاق ولا ضمير، ولا ستر، وكأن لسان الحال يقول: إن الاختلاط بصورته الحالية لا يرضى عنه حتى من يؤيدون الاختلاط في أجواء نظيفة.
آن لنا أن نعترف بأن الاختلاط هو ذاك الشيء الدافئ، اللزج الرطب، الذي يمثل أرضًا خصبة للفطريات الاجتماعية السامة أن تنمو في زواياه وجدرانه وسقفه، تنمو وتتكاثر وتتشابك دون أن يشعر أحد أن الاختلاط هو السبب، ليكون الاختلاط بحق هو رأس الفتنة الصامت، وفي ظله تزل القلوب والشهوات وتُفجَّر الخيانات وتُحطّم البيوت والأفئدة. نسأل الله السّلامة والعافية وصلاح الحال (١).
(١) باختصار من فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب، بإشراف الشيخ محمد المنجد، (سؤال رقم ١٢٠٠). والتحقيق المشار إليه دراسة قام بها بعض الباحثين الاجتماعيين المسلمين عن الاختلاط.