للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن البلاد التي ابتلي أهلها بوجود الاختلاط في غالب مجالات الحياة، خاصة مراكز التعليم، وأماكن العمل والوظائف، بحيث صار من المشقة الكبيرة على المسلم أن ينأى بنفسه عنها، يُرَخَّص لهم ما لا يرخص لغيرهم ممن حفظهم الله من هذه الأمور.

وهذا الترخيص مبناه على القاعدة الفقهية التي تقول: «ما حرم سدًا للذريعة يباح للحاجة والمصلحة الراجحة»

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وَالشَّرِيعَةُ جَمِيعُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلتَّحْرِيمِ إذَا عَارَضَتْهَا حَاجَةٌ رَاجِحَةٌ أُبِيحَ الْمُحَرَّمُ» (١).

وقال: «مَا كَانَ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ إنَّمَا يُنْهَى عَنْهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي لَا تَحْصُلُ إلَّا بِهِ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ» (٢).

وقال ابن القيم: «ما حُرِّم سدًّا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم، وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حرم لسد ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعله، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة» (٣).

وقال الشيخ ابن عثيمين: «وما كان تحريمه تحريم وسيلة فإنه يجوز عند الحاجة» (٤).


(١) مجموع الفتاوى (٢٩/ ٤٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢١٤).
(٣) إعلام الموقعين (٢/ ١٦١).
(٤) منظومة أصول الفقه (ص ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>