وكان من رعاية الإسلام لها حق الرعاية أن أحاط عزتها وكرامتها بسياج منيع من تعاليمه الحكيمة، وحمى أنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان، وباعد بينها وبين مظان الريب وبواعث الافتتان؛ فحرم على الرجل الأجنبى الخلوة بها والنظرة العارمة إليها، وحرم عليها أن تبدى زينتها إلا ما ظهر منها، وأن تخالط الرجال فى مجامعهم، وأن تتشبه بهم فيما هو من خواص شئونهم، وأعفاها من وجوب صلاة الجمعة والعيدين مع ما عرف عن الشارع من شديد الحرص على اجتماع المسلمين وتواصلهم، وأعفاها فى الحج من التجرد للإحرام، ومنعها الإسلام من الأذان العام وإمامة الرجال للصلاة، والإمامة العامة للمسلمين، وولاية القضاء بين الناس، وأثَّمَ من يوليها بل حكم ببطلان قضائها على ما ذهب إليه جمهور الأئمة، ومنع المرأة من ولاية الحروب وقيادة الجيوش، ولم يبح لها من معونة الجيش إلا ما يتفق وحرمة أنوثتها.
كل ذلك لخيرها وصونها وسد ذرائع الفتنة عنها والافتتان بها حذرًا من أن يحيق بالمجتمع ما يفضى إلى انحلاله وانهيار بنائه، والله أعلم بما للطبائع البشرية من سلطان ودوافع وبما للنفوس من ميول ونوازع والناس يعلمون والحوادث تصدق.
ولقد بلغ من أمر الحيطة للمرأة أن أمر الله تعالى نساء نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - بالحجاب وهن أمهات المؤمنين حرمةً واحترامًا، وأن النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تمس يده ـ وهو المعصوم ـ أيدى النساء اللاتى بايعنه، وأن المرأة لم تُوَلَّ ولاية من الولايات الإسلامية فى عهده ولا فى عهد الخلفاء الراشدين ولا فى عهود من بعدهم من الملوك والأمراء، ولا حضرت مجالس تشاوره - صلى الله عليه وآله وسلم - مع أصحابه من المهاجرين والأنصار.