وقد يكون المرور بالحرام لغيره لا مفر منه ومن هنا قد تفقد القاعدة السابقة فيكون الحكم حكم ضرورة لا حكم حاجة كنظرة الطبيب للمريضة ولا يسع الوقت لكي تراها طبيبة كالولادة ليلًا مثلًا ولا طبيبة تولّد وما شابه فهذه أقرب للضرورات منها للحاجات. ٤ - الضرورة شدة وضيق ومشقّة تبيح المحرّم، كالميتة والدم ولحم الخنزير، والحاجة: افتقار ونقص فهي أعم من الضرورة. ٥ - الضرورة أدلتها واضحة أما الحاجة فعادة ترجع لغلبة الظن وأدلتها عامة. ٦ - الضرورة شخصية، لا ينتفع بها غير المضطر، والحاجة لا يشترط فيها تحقق الاحتياج في آحاد أفرادها إنما يكفي غلبة الظن في احتياجها. ٧ - الضرورة ترفع الحرام أما الحاجة فترفع الوسائل المؤدية إلى الحرام وهذا جزء من الفرق الثاني. ٨ - الضرورة تبيح الكثير واليسير، والحاجة تبيح اليسير لا الكثير. ٩ - الضرورة يقدرها صاحبها أما الحاجة فيقدرها المجتهد. ١٠ - الضرورة لا بد أن تكون متيقنة أو متوقعة وليست متوهمة بعكس الحاجة فقد تكون متوقعة أو متيقنة عامة لكن ليست كذلك خاصة في فرد معين فيعتبر في تقدير الحاجة حالة الشخص المتوسط العادي في موضع معتاد، ولا صلة له بالظروف الخاصة به؛ لأن التشريع يتصف بصفة العموم والتجرد. ١١ - حكم الضرورة مؤقت بزمان تلك الضرورة، وحكم الحاجة مستمر، ومع هذا فقد تطلق الضرورة ويراد بها الحاجة، على أن حكم هذه القاعدة ليس على إطلاقه فقد اشترط العلماء في الحاجة المبيحة للمحظور شروطًا أهمها ما يلي: أ- أن تكون الشدة الباعثة على مخالفة الحكم الشرعي الأصلي بالغة درجة الحرج غير المعتاد. ب- أن يكون الضابط في تقدير تلك الحاجة النظر إلى أواسط الناس ومجموعهم بالنسبة إلى الحاجة العامة، وإلى أواسط الفئة المعينة التي تتعلق بها الحاجة إذا كانت خاصة. ت- أن تكون الحاجة متعينة بألا يوجد سبيل آخر للتوصل إلى الغرض سوى مخالفة الحكم العام. ث- أن تقدر تلك الحاجة بقدرها كما هو الحال بالنسبة إلى الضرورات. ج- ألا يخالف الحكم المبني على الحاجة نصًّا من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على حكم ذلك الأمر بخصوصه، وألا يعارض قياسًا صحيحًا أقوى منه، وأن يكون مندرجًا في مقاصد الشرع، وألا تفوت معه مصلحة أكبر». انظر كتاب: (الفرق بين الضرورة والحاجة تطبيقا على بعض أحوال الأقليات المسلمة للشيخ عبد الله بن بَيَّه)، كتاب: (القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير) للشيخ عبد الرحمن بن صالح العبد اللطيف، فتاوى موقع الشبكة الإسلامية، بإشراف الدكتور عبد الله الفقيه، رقم الفتوى:١٢٧٣٤٠).