للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِلَا جِلْبَابٍ، يَرَى الرَّجُلُ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا، وَكَانَ إذْ ذَاكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَكَانَ حِينَئِذٍ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا إظْهَارُهُ ثُمَّ لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ آيَةَ الْحِجَابِ بِقَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (الأحزاب: ٥٩)، حَجَبَ النِّسَاءَ عَنْ الرِّجَالِ» (١).

وعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأَذِنُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ، قَالَتْ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ الله، أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عليّ» (رواه البخاري ومسلم).

قال الإمام ابن عبد البَرّ: «في هذا الحديث دليل على أن احتجاب النساء من الرجال لم يكن في أول الإسلام، وأنهم كانوا يرون النساء، ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم، إلا بمثل ما كان يستتر رجالهم عن رجالهم، حتى نزلت آيات الحجاب» (٢).

قال العيني: «وفيه أنه لا يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمَحْرَم لها في الدخول عليها، ويجب عليها الاحتجاب منه، وهو كذلك إجماعًا بعد أن نزلت آية الحجاب، وما ورد من بروز النساء فإنما كان قبل نزول الحجاب، وكانت قصة أفلح مع عائشة بعد نزول الحجاب» (٣).

وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - مَعَهُ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ ... » (رواه البخاري).


(١) مجموع الفتاوى (٢٢/ ١١٠ - ١١١).
(٢) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٦/ ٢٣٥).
(٣) عمدة القاري (١٣/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>