تنبيه: ليس فى قوله: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ» مَرَّتَيْنِ ـ ما يطعن فى عصمته - صلى الله عليه وآله وسلم - فى سلوكه وهديه، لأن هذه الكلمة قالها النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - جهارًا على ملأ من الناس لنساء وصبيان من الأنصار كانوا مقبلين من عرس.
يدل على ذلك ما أخرجه البخارى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ:«أَبْصَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ فَقَامَ مُمْتَنًّا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ».
وهو على طريق الإجمال، أى: مجموعكم أحب إلى من مجموع غيركم؛ فالكلمة إذن لم يَقُلها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مغازلًا للمرأة الأنصارية التى اختلى بها ليقضى حاجتها؛ كما يحاول أن يزعم ويستنتج أعداء الإسلام! وإنما قالها - صلى الله عليه وآله وسلم -، خطابًا لمجموع الأنصار.
وتأمل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّكُمْ» ولم يقل «إنَّكِ».
ومما يدل على ذلك أن الراوى للحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، سمع هذه الجملة:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ».وسمع كم مرة كررها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فإذا كانت الكلمة مقصودًا بها المغازلة؛ فلِمَ جهر بها - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى سمعها أنس؟!
ولِمَ لَمْ يُسِرّ بها حتى لا يسمعها أنس إن كان مقصودًا بها ما يزعمه أعداء عصمته - صلى الله عليه وآله وسلم -.
إن هذه الجملة:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ»، قالها المعصوم - صلى الله عليه وآله وسلم - منقبة للأنصار، حيث جعل حبهم من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق: