للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الحديث ليس فيه اختلاط، وإنما الرجل مع زوجته في جانب بيته، والضيف في مكان الضيافة، على أن مسألة الحجاب كما هو معلوم لم تكن من المسائل المتقدمة بالنسبة للتشريع، فالحجاب إنما شُرِعَ بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بنحو خمس سنين أو ست سنين، وما ورد من الأحاديث مما ظاهره عدم الحجاب، فإنه يحمل على أن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب» (١).

وبيان ذلك أن هذه القصة كانت سببًا في نزول قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (الحشر: ٩)، وهي آية من سورة الحشر وقد نزلت سورة الحشر كلها في إثر إجلاء بني النضير، ولذلك كان يسميها عبد الله بن عباس سورة بني النضير، كما أخرج ذلك البخاري في صحيحه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: «سُورَةُ التَّوْبَةِ؟»، قَالَ: «التَّوْبَةُ هِىَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَمْ تُبْقِ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ ذُكِرَ فِيهَا».

قُلْتُ: «سُورَةُ الأَنْفَالِ؟». قَالَ: «نَزَلَتْ فِى بَدْرٍ».

قُلْتُ: «سُورَةُ الْحَشْرِ؟». قَالَ: «نَزَلَتْ فِى بَنِى النَّضِيرِ».

وقد أجلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بني النضير على أكثر الأقوال في سنة أربع، وباتفاق أهل العلم أن الأحزاب كانت بعد إجلاء بني النضير؛ فهذا يعني أن الآية الكريمة نزلت قبل الحجاب بالإجماع، وأن القصة التي نزلت الآية بشأنها، وجاءت متقدمة على نزول الآية كانت قبل سورة الأحزاب المتضمنة لآيات الحجاب؛ فيكون أمر هذه القصة كله قبل نزول أحكام الحجاب (٢).


(١) فتاوى النظر والخلوة والاختلاط جمع وترتيب محمد عبد العزيز المسند (ص ٣٨ - ٣٩).
(٢) الرد على أحمد الغامدي ومن وافقه في إباحة الاختلاط للدكتور محمد بن عبد الله الهبدان، الاختلاط بين الجنسين أحكامه وآثاره، د محمد بن عبد الله المسيميري، د محمد بن عبد الله الهبدان (ص١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>