للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: «وأما قوله: «تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي؛ اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»، ففيه دليل على أن المرأة الصالحة المتَجَالّة لا بأس أن يغشاها الرجال ويتحدثون عندها» (١).

والمتَجَالّة هي المرأة التي قد تَجالَّتْ، أَي أَسَنَّت وكَبِرَتْ وعجزت (٢).

٣ - لم يعلق العلماء على انتقال فاطمة إلى بيت ابن عمها بأمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنه هل في ذلك خلوة أم لا؟ لأن هذا الأمر معلوم عندهم بالضرورة، فلا يصح أبدًا أن ينقلها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الرمضاء إلى النار ـ بمعنى أنه لا يمنعها من نظرة فينقلها إلى خلوة وإنما ينقلها إلى حيث الأمان من الخلوة ومن النظر وغيره.

٤ - يفهم دعاة الاختلاط هذا الحديث في ضوء ما يحدث في الوقت الحاضر من اختلاط النساء بغير محارمهن من الضيوف وغيرهم، وأنَّى لهم ذلك، وإن من التعسف فهم الحديث في ضوء واقعنا المعاصر حيث الأصل اختلاط النساء بالرجال غير المحارم، والاحتجاب هو الاستثناء.

إن احتجاب النساء عن الرجال الأجانب ظل هو الأصل حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وبدايات القرن العشرين الميلادي عندما بدأ بعض المغرورين ينخدع بحركة ما يسمى (تحرير المرأة).

وإذا قرأت ما سطره علماء الحملة الفرنسية الصليبية على مصر، من وصف للمجتمع المصري في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وبداية القرن التاسع عشر، وجدت أن ستر الوجه عند الخروج من المنزل، وعدم الاختلاط حتى داخل البيوت كان هو الأصل عند حكام البلاد وعامة الشعب.


(١) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٩/ ١٥٣).
(٢) لسان العرب، (مادة: جلل).

<<  <  ج: ص:  >  >>