وهذه الصورة إنما تمثل الصورة القصوى من اختلاط الرجال بالنساء , ولكن أين بقية الصور الأخرى من صور الاختلاط المحرم؟؟!
ولبيان قصور هذه الرؤية يقال:
إن الله أنعم على الإنسان ووهبه منافذ تمكنه من الاتصال والتواصل مع من حوله , فخلق الله له السمع والبصر والحواس , ولما علم الله - عز وجل - عظيم فتنة الرجال بالنساء حال بينهما عن طريق سد هذه المنافذ وأحكم إغلاقها.
فأما السمع ففي قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} (النور:٣١)، وقوله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: ٣٢).
وأما البصر , ففي قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور: ٣٠ - ٣١ ِ) وغيرها من الآيات الكثيرة.
والسؤال هنا: كيف يمكن غض البصر عند إباحة الاختلاط؟!
ثم إن سلمنا جدلًا بأن الاختلاط الممنوع هو تلاصق الأجساد , فلماذا إذنْ قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» (رواه مسلم).
أليس الأول والأخير من الصفوف كلاهما لا يوجد فيه التصاق بالأجساد؟؟!
فالقول بأن الممنوع هو ملاصقة الأجساد يعني تساوي الفضل بين الصفوف الأولى والأخيرة إذا كان لايترتب عليها تلاصق بالأجساد.
ثم إنه ليس من الواقعية والحكمة أن نحرم اللمس ثم نفتح المجال للقاء والتقارب , فيعيش الناس في حال لا يعلمها إلا الله , لأنه بقيَتْ منافذ أخرى السمع