للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب:

أولًا: تأمل كيف بنوا إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - على قصة وردت في أحد كتب التاريخ، ويقال لهم: أثبِت العرش ثم انقش، أثبِتوا أولًا أن هذا صحيح ثم ابنُوا عليه إجماع الصحابة، وأنّى لكم ذلك، فقد ذكر الحافظ ابن كثير هذا الكلام في كتابه (البداية والنهاية) وهو كتاب تاريخ، ومتى كانت كتب التاريخ والقصص مصدرًا من مصادر الأحكام الشرعية؟

ثم إن الحافظ ابن كثير ذكر هذه القصة بصيغة التمريض وبدون سند مما يدل على ضعفها فقال: «وَيُرْوَى أَنَّ أَهْلَ الشُّورَى جَعَلُوا الْأَمْرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ لِيَجْتَهِدَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَفْضَلِهِمْ فَيُوَلِّيَهُ، فَيُذْكَرُ أَنَّهُ سَأَلَ كُلَّ مَنْ يُمْكِنُهُ سُؤَالُهُ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى وَغَيْرِهِمْ، فَلَا يُشِيرُ إِلَّا بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَتَّى أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أُوَلِّكَ، فَمَنْ تُشِيرُ بِهِ؟ قَالَ: بِعُثْمَانَ. وَقَالَ لِعُثْمَانَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أُوَلِّكَ، فَمَنْ تُشِيرُ بِهِ؟ قَالَ: بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ... » (١)، ثم ذكر الكلام السابق ذكره.

فتأمل أخي القارئ كيف جعلوا الدليل على حق المرأة في اختيار الخليفة رواية لا سَنَدَ لها ذكرها الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) وأشار إلى ضعفها بأن ذكرها بصيغة التمريض.

يجب علينا أن نجعل الدليل أمامنا ولا نجعله وراءنا، وألا نصدر أحكامًا ثم نبحث عن دليل عليها، بل ننظر أولًا في الآثار ونتأكد من صحتها ثم ننظر إن كانت تصلح دليلًا أم لا.


(١) البداية والنهاية (١٠/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>