أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩)} (المائدة: ٥٩)؛ فأكثر اليهود والنصارى خارجون عن شرائعهم التي يزعمون انتسابهم إليها، وهم الذين ينشرون الانحلال في العالم، ويحسدون أهل الإسلام على ما آتاهم الله من فضله من العفة والنقاء والمحافظة على الأعراض والأنساب.
ودفَعهم هذا الحسد إلى محاولة إغواء الأمة الإسلامية وجرِّها نحو باطلهم وسفولهم وانحطاطهم؛ فما أن احتلت جيوشهم أكثر بلاد المسلمين حتى شرعوا في زعزعة وضع المرأة في المجتمع، ووضعوا الخطط لتغيير حدود علاقة الرجل بالمرأة كما بيَّنها شرع الله - عز وجل - ليستبدل الناسُ الذي هو أدنى بالذي هو خير.
وكانت أولى الخطوات في هذه الخطط الشيطانية والمكائد الإبليسية هي التبرج ووضع الثياب وكشف العورات ونشر الاختلاط المنكر المؤدّي إلى وقوع الفواحش مُتَّبعين خطة إبليس القديمة الجديدة التي بيَّنها الله - عز وجل - لنا وحذرنا من شرها فقال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٧)} (الأعراف: ٢٧).
ولقد كان الاختلاط المحرم ـ ولا يزال ـ من أخطر وسائل الحرب الحضارية والغزو الفكري الذي يمارسه الغرب ضد أهل الإسلام؛ فمحاربة هذا الاختلاط واجب دفاعي على أهل الإسلام للحفاظ على حصونهم الحقيقية؛ فإن القوة العسكرية سرعان ما تتبدل إذا بقي منهج المجتمع وشريعته حيًّا في قلوب أبنائه ولم يصبح أفراد الأمة أبناءَ الأعداء، منّا يتكلمون بلساننا وهم من جِلْدَتنا وقلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.
ولقد سطر أخونا شحاتة صقر ـ حفظه الله ـ هذا البحث في مضارّ الاختلاط المحرم، وحيثما ذُكِر الاختلاط في البحث فهو المعهود المعروف في مثل مجتمعنا المصري في جامعاته