[وجوب الإيمان بسماع موتى المشركين يوم بدر نداءات النبي الكريم لهم]
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[والإيمان بأن النبي صلى الله عليه وسلم حين كلم أهل القليب يوم بدر -أي المشركين- كانوا يسمعون كلامه].
وهذا ثابت في صحيح مسلم:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم أهل القليب) وهم الكفرة الذين قتلوا يوم بدر وسحبوا بعد موتهم، وألقوا في بئر بعد أن ظهر نتنهم، فجاءهم النبي صلى الله عليه وسلم وناداهم بأسمائهم فقال:(يا أبا جهل بن هشام! يا أمية بن خلف! يا عتبة بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً).
فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! كيف يسمعون؟ وفي لفظ آخر قال: ما تنادي من قوم هلكى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده! ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا)، ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب أي: في بئر هناك.
فلا بد أن يؤمن الإنسان بأن النبي صلى الله عليه وسلم حين كلم أهل القليب يوم بدر-أي المشركين- أنهم كانوا يسمعون كلامه، وهذا مستثنى من كون الميت لا يسمع، فالأصل أن الميت لا يسمع، قال الله تعالى:{إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:٢٢] فالميت لا يسمع إلا ما دل الدليل على أنه يسمع، وكذلك ما ورد أن الميت إذا دفنه المشيعون له وتولوا عنه فإنه يسمع قرع نعالهم إذا تولوا, فهذا سماع خاص, وكذلك ثبت أنه يشرع أن يسلم على الميت، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) وما عدا ذلك فالأصل أن الميت لا يسمع كلام الناس ولا يدري عن أعمال الناس ولا عن أحوالهم، وكذلك ما جاء في بعض الأحاديث أن الميت تعرض عليه أعمال أقاربه، وأنه إذا رأى خيراً حمد الله، وإذا رأى سيئاً استغفر, وكذلك عرض أعمال أمة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وكل هذا جاء في أحاديث ضعيفة.