[ما يخرج به المسلم من ضلالات الفرق الأربع]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن قدم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم في الباقين إلا بخير ودعا لهم فقد خرج من التشيع أوله وآخره.
ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره.
ومن قال: الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة، ولم ير الخروج على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح، فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره.
ومن قال: المقادير كلها من الله عز وجل، خيرها وشرها، يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فقد خرج من قول القدرية أوله وآخره، وهو صاحب سنة].
(من قدم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً) في الفضيلة وفي الخلافة، (ولم يتكلم في الصحابة إلا بخير)، فهذا من أهل السنة وخرج من التشيع؛ لأن الشيعة والرافضة يرون أن أبا بكر وعمر وعثمان اغتصبوا الخلافة، وأن الخليفة الأول هو علي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على اثني عشر إماماً أولهم علي وآخرهم محمد بن الحسن الذي دخل في سرداب سامراء في العراق سنة مائتين وستين هجرية، وأن الصحابة كفروا وارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخفوا النصوص التي فيها النص على الأئمة، وولوا أبا بكر زوراً وظلماً وعدواناً، ثم ولوا عمر زوراً وظلماً وبهتاناً، ثم ولوا عثمان زوراً وبهتاناً، ثم وصلت إلى الخليفة الأول وهو علي.
(ولم يتكلم في الباقين من الصحابة إلا بخير، ودعا لهم، فقد خرج من التشيع أوله وآخره).
أما من تكلم في الصحابة وسب الصحابة وسب أبا هريرة فهذا شيعي.
ومن سب أبا بكر وعمر وعثمان وعلي فهو رافضي.
وهذه علامة السني الذي يخرج من التشيع، وهي أن يقدم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً على جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتكلم في الباقين من الصحابة إلا بخير، ويدعو لهم، فهذا يخرج من التشيع أوله وآخره.
(ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء كله أوله وآخره).
من قال: الإيمان قول القلب وهو التصديق والإقرار، وقول اللسان وهو النطق، وعمل القلب وهو النية والإخلاص والصدق والمحبة، وعمل الجوارح، ومن قال: إن الإيمان يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء كله وآخره.
ومن قال: إن تصديق القلب، والأعمال ليست من الإيمان، فهو من المرجئة.
ومن قال: الإيمان هو معرفة الرب بالخلق، فهذا قول مرجئة الجهمية، وهذا أفسد قول قيل في الإيمان، فالجهمية يقولون: الإيمان معرفة الرب بالقلب، والكفر جهل الرب بالقلب، فمن عرف ربه بقلبه فهو مؤمن، ومن جهل ربه بقلبه فهو كافر، والجهمية هم أشد الناس إرجاء، وألزمهم العلماء على هذا التعريف: أن يكون إبليس مؤمناً؛ لأنه يعرف ربه بقلبه، وأن فرعون مؤمن؛ لأنه يعرف ربه بقلبه، وأن اليهود مؤمنون؛ لأنهم يعرفون ربهم بقلوبهم، وأن أبا طالب مؤمن؛ لأنه يعرف ربه بقلبه، وهذه الطائفة الأولى من المرجئة.
والطائفة الثانية من المرجئة وهم الكرامية الذين يقولون: إن الإيمان هو النطق باللسان فقط، فإذا نطق بلسانه الشهادتين فهو مؤمن كامل الإيمان، ولو كان مكذباً في قلبه، فجمعوا بين متناقضين.
فيلزم على قولهم أن يكون المؤمن كامل الإيمان يخلد في النار.
هذا قول الطائفة الثانية من المرجئة.
والطائفة الثالثة من المرجئة يقولون: الإيمان تصديق القلب فقط، وهذا قول الماتريدية والأشاعرة، وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة.
الطائفة الرابعة: هم مرجئة الفقهاء ويقولون: الإيمان تصديق القلب والإظهار باللسان.
وكل المرجئة بطوائفهم الأربعة يقولون: الأعمال ليست من الإيمان.
قال: (ومن قال بصحة الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة ولا يرون الخروج على السلطان بالسيف، ويدعون له بالصلاح، فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره)؛ لأن الخوارج لا يرون الصلاة خلف أئمة الجور، بل يرون أن الإمام إذا فعل كبيرة كفر وحل دمه وماله ووجب قتله.
ولا يصلون خلف الإمام الفاجر الفاسق ولا يجاهدون معه، ويخرجون عليه بالسيف ولا يدعون له.
قال المؤلف: (ومن قال: المقادير كلها من الله عز وجل خيرها وشرها؛ يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فقد خرج من قول القدرية أوله وآخره وهو صاحب سنة)؛ لأن القدرية يقولون: الخير من الله والشر من العبد، بل يقولون: إن أفعال العباد مخلوقة للعبد غير مخلوقة لله، فالعبد هو الذي يخلق فعل نفسه، خيرها وشرها، طاعة أو معصية، كفراً أو إيماناً.
ولهذا يقولون: يجب على الله أن يثيب المطيع وهو يستحق الأجر من الله، كما يستحق الأجير أجرته؛ لأنه هو الذي خلقه فعلاً، وأن الله يجب عليه أن يعذب العاصي؛ لأن الله توعده والله لا يخلف الميعاد.