للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النهي عن الكلام في أصحاب الرسول وما شجر بينهم]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإذا رأيت الرجل يطعن على أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه صاحب قول سوء وهوى؛ لقول رسول صلى الله عليه وسلم: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)، قد علم النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون منهم من الزلل بعد موته، فلم يقل فيهم إلا خيراً.

وقوله: (ذروا أصحابي لا تقولوا فيهم إلا خيراً)، ولا تحدث بشيء من زللهم ولا حربهم، ولا ما غاب عنك علمه، ولا تسمعه من أحد يحدث به؛ فإنه لا يسلم لك قلبك إن سمعت].

إذا رأيت الرجل يطعن على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يسبهم، أو يكفرهم ويفسقهم، فاعلم أنه رافضي خبيث زنديق، مكذب لله ولرسوله؛ لأن الله تعالى زكاهم وعدلهم ووعدهم بالجنة، وهو يكفرهم ويفسقهم، فيكون مكذباً لله، وتكذيب الله كفر وضلال؛ ولهذا قال: (فاعلم أنه صاحب قول سوء وهوى؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)) والمؤلف ذكر أن الحديث حسن.

(قد علم النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون منهم من الزلل بعد موته، فلم يقل فيهم إلا خيراً)، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده! لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)، وفي حديث آخر: (الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً) يعني: هدفاً للطعن والنيل، (فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم).

والله تعالى يقول: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:١٨].

وقال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} [التوبة:١٠٠].

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ذروا أصحابي لا تقولوا فيهم إلا خيراً) أي: اتركوا أصحابي، أخرجه البزار بإسناد حسن بنص: (دعوا لي أصحابي)، وقوله: (لا تقولوا فيهم إلا خيراً) أخرجه خيثمة بن سليمان في فضائل الصحابة، كما في جزء طرق حديث: (لا تسبوا أصحابي) وإسناده ضعيف.

(ولا تحدث بشيء من زللهم ولا حربهم، ولا ما غاب عنك علمه، ولا تسمعه من أحد يحدث به)، أي: لا تحدث بشيء مما حصل من خلاف الصحابة وقتالهم وزللهم؛ فإنهم ما بين مجتهد مصيب له أجران، وما بين مجتهد مخطئ له أجر، وكذلك الحروب التي جرت بينهم، وكما قال بعض السلف: هذه دماء نزه الله أيدينا عنها، فنرجو أن ينزه الله ألسنتنا منها.

وقوله: (ولا ما غاب عنك علمه)، أي: الذي لا تعلمه لا تتكلم به، ولا تسمعه من أحد يحدث به، بل إذا سمعت أحداً يحدث به فأنكر عليه؛ فإنه لا يسلم لك قلبك إن سمعت الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يقع في قلبك شيء، فإذا أردت أن يسلم لك قلبك فلا تسمع أحداً يطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا سمعت أحداً يطعن فأنكر عليه، وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار أو يرد الآثار أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه مبتدع صاحب هوى.

وإذا سمعت رجلاً يطعن في الأحاديث، ويرد الأحاديث والآثار، ويورد غير الآثار، ويعتمد على عقله ولا يريد أن يعتمد على الحديث، فاتهمه على الإسلام، وفي إسلامه دخن، ولا تشك أنه صاحب هوى وصاحب بدعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>