قال المصنف رحمه الله تعالى:[واعلم رحمك الله أنه ينبغي للعبد أن تصحبه الشفقة أبداً ما صحب الدنيا؛ لأنه لا يدري علام يموت، وبم يختم له، وعلام يلقى الله عز وجل، وإن عمل كل عمل من الخير].
قوله:(واعلم) أي: تيقن، وقوله:(رحمك الله) سؤال الرحمة من الله تعالى للمتعلم.
وقوله:(أنه ينبغي للعبد أن تصحبه الشفقة أبداً ما صحب الدنيا) أي: أن يصحبه الخوف من أن تحيط به ذنوبه، والخوف من سوء الخاتمة، فعلى الإنسان أن يرجو ما عند الله لكن عليه أن يغلب جانب الخوف؛ حتى يحمله على أداء الفرائض وترك المحارم.
فإذا كان الإنسان خائفاً فإن هذا الخوف يحدوه ويحثه على أداء الفرائض وترك المحارم، فعلى العبد دائماً أن يكون بين الرجاء والخوف، لكنه يغلب جانب الخوف في حال الصحة، قال بعض العلماء: الخوف والرجاء للعبد كجناحي الطائر، فالطائر إذا استقام جناحاه استقام طيرانه، وإذا تلف الجناحان صار في عداد الموتى، فكذلك الإنسان يعبد الله بين الخوف والرجاء، فيخاف خوفاً لا يوصله إلا التشاؤم وسوء الظن بالله، ويرجو ما عند الله رجاءً لا يجعله يستغرق في المعاصي.
فالعبد تصحبه الشفقة والخوف أبداً ما صحب الدنيا؛ لأنه لا يدري علام يموت عليه، فيحمله خوفه على أداء الفرائض وترك المحارم، وإن عمل كل الخير فلابد له من الخوف والرجاء.