[التحذير من الخوض في الفتن الواقعة بين المسلمين]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإذا وقعت الفتنة، فالزم جوف بيتك، وفر من جوار الفتنة، وإياك والعصبية، وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة، فاتق الله وحده لا شريك له، ولا تخرج فيها، ولا تقاتل فيها، ولا تهو ولا تشايع ولا تمايل، ولا تحب شيئاً من أمورهم، فإنه يقال: من أحب فعال قوم -خيراً كان أو شراً- كان كمن عمله، وفقنا الله وإياكم لمرضاته، وجنبنا وإياكم معصيته].
(إذا وقعت الفتنة فالزم جوف بيتك، وفر من جوار الفتنة) أي: كالقتال بين المسلمين، فالزم بيتك ولا تخرج مع الفتنة، وهذا مأخوذ من حديث: (إياك والقتال في الفتنة).
وجاء في الحديث الحسن: (كسروا جفون سيوفكم في وقت الفتنة).
وفي الحديث الآخر: (فتنة القائم فيها خير من الماشي، والقاعد خير من القائم)، وفي الحديث الآخر: (إذا وقعت الفتنة كن كخير ابني آدم، كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل).
(ولا تكن مع الناس في القتال) أي: لا تشترك معهم في الفتنة كما جاء في الحديث: (إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام).
(وفر من جوار الفتنة)، فلا تكن بجوارها، سواء كانت هذه الفتنة: فتنة الحروب، أو فتنة الشبهات، أو فتنة الشهوات.
(وإياك والعصبية) أي: لا تتعصب لقبيلتك، ولا لأقاربك.
(وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة)، ولو كان قتال العصبية فهذا من الفتن، وهو من الأعمال الكفرية، قال عليه الصلاة والسلام: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض).
(فاتق الله وحده لا شريك له، ولا تخرج فيها)، أي: في الفتنة، ولا تقاتل فيها، (ولا تهو بأن تحب القتال، ولا تشايع)، وهو الميل، ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} [الصافات:٨٣].
(ولا توافق أهل الباطل)، من شايع أهل الفتن وافقهم، فلا تهو الفتنة ولا تشايع ولا تمايل ولا تحب شيئاً من أمورهم، ولا من أمور أهل العصبية وأهل الجاهلية وأهل البدع.
(فإنه يقال: من أحب فعال قوم -خيراً كان أو شراً- كان كمن عمله).
ثم دعا المؤلف رحمه الله قال: (وفقنا الله وإياك لمرضاته)، وهو ما يرضي الله وهو التوحيد، وإخلاص الدين له، ولزوم السنة وترك البدعة، (وجنبنا وإياكم معصيته) من البدع والمنكرات.