للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بدعية من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وتجهم من سكت عن القول في القرآن]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واعلم أن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع، ومن سكت فلم يقل: مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي، هكذا قال أحمد بن حنبل.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فإياكم ومحدثات الأمور، فإنها ضلالة، وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ)].

(واعلم أن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع، ومن سكت فلم يقل مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي, هكذا قال أحمد بن حنبل رحمه الله) والإمام أحمد له عبارة مشهورة قريبة من هذه، وهي قوله: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي -أي: وافق الجهمية-، ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع, ولأن مذهب السنة والجماعة أن كلام الله منزل غير مخلوق.

والمقصود بكلام الله لفظه ومعناه، فقوله: لفظي بالقرآن قول الجهمية، فلفظك وأفعالك وأقوالك مخلوقة، فعندما تخصص وتقول: لفظي بالقرآن هذا بدعة، ومن قال ذلك فهو جهمي؛ لأنه وافق قول الجهمية، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع؛ لأنه ابتدع قولاً لم يقله أحد من السلف, والقرآن كلام الله أنزله على رسوله، وأفعالك وأقوالك مخلوقة، لكن لا يصح أن تخصص اللفظ بالقرآن أنه مخلوق.

(واعلم أن من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع)؛ لأنه قول لم يقله أحد من السلف, فقد سكتوا وما قالوا: اللفظ مخلوق ولا غير مخلوق, فمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فقد ابتدع؛ لمخالفته طريقة السلف، ومن سكت وتوقف فقال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي، فلا يوجد داعي أن تشك، بل اجزم بأن القرآن كلام الله أنزله على رسوله، فالشاك مبتدع مثل الجهمية، ولا فرق بين الجهمي وبين الشاك، فالذي يتكلم بالبدعة والذي يسكت ولا ينفي البدعة كلاهما مبتدع.

(هكذا قال أحمد بن حنبل) والواجب أن تقول: إنه كلام الله منزل غير مخلوق لفظاً ومعنى.

(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فعضوا عليها بالنواجذ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وله ألفاظ, فقد روي بلفظ: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة).

وفي هذا الحديث التحذير من البدع ومحدثات الأمور وأنها من الضلال, والحث على لزوم السنة، وسنة الخلفاء الراشدين إذا خفيت السنة، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، أما مع وجود السنة فلا، فإذا لم توجد سنة، ووجد قول للخلفاء الراشدين فهو السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن سنة الخلفاء الراشدين سنة بقوله: (تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) , والنواجذ هي الأسنان التي تلي الأضراس، وفي كل فك أربة نواجذ، اثنان من اليمين، واثنان من الشمال في كل فك, والمعنى: تمسكوا به، فالشيء الذي يريد الإنسان أن يمسكه يعض عليه بالنواجذ حتى لا ينفلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>