قال المصنف رحمه الله تعالى:[وينبغي للرجل المسرف على نفسه ألا يقطع رجاءه من الله تعالى عند الموت، ويحسن ظنه بالله تبارك وتعالى، ويخاف ذنوبه، فإن رحمه الله فبفضل، وإن عذبه فبذنب].
الفقرة السابقة في الشفقة والخوف وهي قوله:(ينبغي للعبد أن تصحبه الشفقة والخوف)، وهذه الفقرة في الرجاء، إذاً فلابد من الأمرين: الخوف والرجاء، قال تعالى عن المتقين:{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}[السجدة:١٦] أي: يعبدون الله بالخوف والرجاء، وهذا حال المؤمن أنه يعبد الله بالحب والخوف والرجاء.
وهذه هي أركان العبادة: المحبة والخوف والرجاء، وهذه الأركان موجودة في سورة الفاتحة، فقوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:٢] هذه المحبة، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:٣] هذا الرجاء، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:٤] هذا الخوف، فينبغي للرجل المسرف على نفسه ألا يقطع رجاءه من الله عند الموت، وليحسن ظنه بالله، وليخف من ذنوبه، قال في الحديث:(لا يموتن أحدكم إلا هو يحسن الظن بالله عز وجل)، فهو يخاف ويرجو، فيخاف خوفاً لا يصل به إلى سوء الظن؛ لأنه يرجو، ويرجو رجاءً لا يجعله يتمادى في المعاصي؛ لأنه يخاف، فإن رحمه الله فبفضل، وإن عذبه فبذنب.