قال المؤلف رحمه الله تعالى:[واحذر أن تجلس مع من يدعو إلى الشوق والمحبة، ومن يخلو مع النساء وطريق المذهب، فإن هؤلاء كلهم على الضلالة].
قوله:(احذر أن تجلس مع من يدعو إلى الشوق والمحبة)، وهم الصوفية، فهم يدعون إلى المحبة فقط، بدون خوف وبدون رجاء، كما يروى عن رابعة العدوية أنها قالت: ما عبدت الله خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، فأكون كأسير السوء، ولكن عبدته حباً لذاته وشوقاً إليه.
وبعضهم يذكر العشق والعياذ بالله، ولم يأت في وصف المحبة العشق، إنما جاءت المحبة والود والخلة، فالصوفية يزعمون أن عندهم الشوق إلى الله وعشق الله، قبحهم الله.
فالمؤلف يقول: احذر أن تجلس مع من يدعو إلى هذا؛ لأنهم على الباطل، ومن يخلو مع النساء أيضاً؛ لأنها وسيلة للفاحشة، قال عليه الصلاة والسلام:(ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
قوله:(وطريق المذهب) لعله يقصد مذهب الصوفية، فمن يدعو إلى الشوق وحده، ومن يخلو بالنساء فهو على ضلالة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[واعلم رحمك الله أن الله تعالى دعا الخلق كلهم إلى عبادته، ومنَّ من بعد ذلك على من يشاء بالإسلام تفضلاً منه].
(واعلم) أي: تيقن، وهو حفظ الذهن الجازم، (رحمك الله) دعاء بالرحمة، أي: أسأل الله أن يرحمك، (أن الله تبارك وتعالى دعا الخلق كلهم إلى عبادته)، وهذا لا شك فيه، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}[البقرة:٢١]، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء:١]{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}[الحج:١]{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ}[لقمان:٣٣]، فالله تعالى دعا الخلق كلهم إلى عبادته، فكلهم مأمورون بتقوى الله وعبادته.
فمنهم من منَّ الله عليه بالإسلام -تفضلاً منه- فأسلم.