[التحذير من أهل الكلام والجدال والمراء والقياس]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإذا أردت الاستقامة على الحق وطريق أهل السنة قبلك، فاحذر الكلام، وأصحاب الكلام، والجدال والمراء، والقياس والمناظرة في الدين، فإن استماعك منهم وإن لم تقبل منهم يقدح الشك في القلب، وكفى به قبولاً فتهلك، وما كانت زندقة قط ولا بدعة ولا هوى ولا ضلالة؛ إلا من الكلام والجدال والمراء والقياس، وهي أبواب البدعة والشكوك والزندقة.
فالله الله في نفسك! وعليك بالأثر وأصحاب الأثر والتقليد، فإن الدين إنما هو بالتقليد، يعني: للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن قبلنا لم يدعونا في لبس فقلدهم واسترح، ولا تجاوز الأثر وأهل الأثر.
وقف عند المتشابه ولا تقس شيئاً].
(إذا أردت الاستقامة على الحق وطريق أهل السنة قبلك فاحذر الكلام) أي: في الصفات والأسماء والقدر وغيره.
(واحذر أصحاب الكلام، وأصحاب الجدال، وأصحاب المراء، وأصحاب القياس والمناظرة في الدين، فإن استماعك منهم وإن لم تقبل منهم يقدح الشك في القلب)، وهذا فيه تحذير من البدع وأهل البدع من الخوارج والمعتزلة والجهمية، وأصحاب الكلام والجدال والمراء والقياس والمناظرة في الدين، فإن استماعك منهم وإن لم تقبل منهم يقدح الشك في قلبك، وهذا أقل الأحوال.
(وكفى به قبولاً فتهلك وما كانت زندقة قط ولا بدعة ولا هوى ولا ضلالة إلا من الكلام والجدال)، فبهذا الكلام والجدال والمراء والقياس وغيره يفتح باب الزندقة والنفاق والبدعة والهوى والضلالة، وهذه أبواب البدع والشكوك والزندقة، فأول من قاس قياساً فاسداً إبليس، فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:١٢] والقياس الفاسد هو: القياس الذي يصادم النص، وهو فاسد الاعتبار.
ثم قال: (الله الله في نفسك)، أي: اعتن بنفسك (وعليك بالأثر، -وفي نسخة: الآثار، وأصحاب الأثر- أي: أصحاب الحديث، (والتقليد فإن الدين إنما هو بالتقليد، أي: للنبي صلى الله عليه وسلم)، والمراد: الاتباع، فالتقليد مذموم لكن المؤلف عبر بالتقليد، ولو قال: بالاتباع لكان أحسن.
(ومن قبلنا لم يدعونا في لبس)، أي: العلماء الذي سبقونا ما جعلونا في حيرة فقد أوضحوا لنا الأمر، (فقلدهم) أي: اتبعهم (واسترح ولا تجاوز الأثر وأهل الأثر)، أي: لا تتجاوز النصوص من الكتاب أو من السنة، فإذا فعلت شيئاً يجب أن تستدل بالنص، وسؤال أهل العلم.
(وقف عند المتشابه)، وتأمل وانظر فلعله يتضح لك، (ولا تقس شيئاً)، برأيك وفهمك وعقلك.