قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ويحل قتال الخوارج إذا عرضوا للمسلمين في أنفسهم وأموالهم وأهاليهم].
يحل قتال الخوارج إذا قاتلوا المسلمين بأنفسهم وأموالهم؛ لأنهم بذلك يستحلون دماء المسلمين وأموالهم بالمعاصي، فإذا قاتل الخوارج المسلمين قوتلوا كما قاتلهم علي رضي الله عنه، وكما جاء في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، من لقيهم فليقتلهم فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وليس له إذا فارقوه أن يطلبهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا يأخذ فيئهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يتبع مدبرهم].
وهكذا فعل الصحابة، فإذا قاتل المسلمون الخوارج ثم هربوا فلا يطلبونهم وإنما يتركونهم، وإذا وجد المسلمون جريحاً من الخوارج فلا يقتلونه ولا يؤخذ فيئهم وأموالهم؛ لأنهم ليسوا كفاراً، ولا يقتل أسيرهم، ولا يتبع مدبرهم، وهم الذين فارقوهم وهربوا فلا يلحق المسلمون الفارين من الخوارج فإذا فارقوا تركوا، فقد عامل الصحابة الخوارج معاملة العصاة، ولم يعاملوهم معاملة الكفار؛ لأنهم متأولون، ولما سئل علي رضي الله عنه: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا.
وقال بعض العلماء بكفرهم، واستدلوا بالأحاديث التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم وهي في الصحيحين:(يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) وفي لفظ: (يمرقون من الدين ثم لا يعودون إليه) وفي لفظ: (لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد) فشبههم بقوم عاد وهو قوم كفار.
وجاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:(من لقيهم فليقتلهم فإن في قلتهم أجراً لمن قتلهم عند الله)، وقالوا: بأن هذه النصوص تدل على كفرهم، وهي رواية عن الإمام أحمد، لكن الجمهور على أنهم عصاة مبتدعة، وهذا هو الذي عمله الصحابة؛ ولهذا ذكر المؤلف: أنه لا يطلب من فارق، ولا يجهز على الجريح، ولا تؤخذ أموالهم، ولا يقتل أسيرهم ولا يتبع مدبرهم؛ لأنهم عصاة مبتدعة وليسوا كفاراً.