قال المؤلف رحمه الله: [واعلم أنه لم تجئ بدعة قط إلا من الهمج الرعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، فمن كان هكذا فلا دين له، قال الله تبارك وتعالى:{فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}[الجاثية:١٧]، وقال:{وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}[البقرة:٢١٣]، وهم علماء السوء أصحاب البدع والطمع].
(واعلم أنه لم تجئ بدعة قط إلا من الهمج الرعاع أتباع كل ناعق) كبدعة الخوارج, وفتنة الجهمية، وبدعة القدرية, وبدعة المعتزلة, فلم تنشأ هذه إلا من الهمج، أي: الجهال الذين لا علم عندهم، والذين يتبعون كل ناعق، فكلما سمعوا شيئاً تبعوه سواء كان على الحق أو على الباطل فليس عندهم بصيرة ولا تمييز، فهؤلاء هم سبب انتشار البدعة؛ لعدم بصيرتهم.
(فمن كان هكذا فلا دين له، قال الله تبارك وتعالى:{فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}[الجاثية:١٧]) أي: أهل الكتاب ما اختلفوا إلا بعد العلم، والذي حملهم على اختلافهم البغي، وهذا ذم لأهل الكتاب، وهو تحذير لنا -في نفس الوقت- حتى لا نفعل مثل فعلهم فيصيبنا ما أصابهم، قال تعالى:{فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ}[الجاثية:١٧] وسببه: {بَغْيًا بَيْنَهُمْ}[الجاثية:١٧].
وسبب الاختلاف هم علماء السوء وأصحاب الطمع والبدع من أهل الكتاب، ومن هذه الأمة أيضاً.
(وأصحاب الطمع والبدع) هم الذين يختارون الدنيا بالدين والذين يبيعون آخرتهم بدنياهم, فهؤلاء هم الذين تظهر بسببهم البدع، وفيه التحذير من البدع وتحذير أهل العلم من الزيغ والانحراف.